دخل لبنان في مرحلة قد تكون الأخطر في تاريخه، ولهذه الغاية ثمّة من يحذّر من ضرورة عدم إقحام لبنان في حروب الآخرين أو تسعير الخطاب الطائفي والمذهبي ولو إنتخابياً، نظراً لدقة الوضع وحساسية المرحلة بكل تجلّياتها، وذلك ما يشير إليه باستمرار رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، الذي لديه قلق وهواجس عدة من خطورة المقبل على لبنان، لا سيّما إقتصادياً واجتماعياً، ولهذه الغاية أوعز إلى المقرّبين منه بضرورة إيلاء الشقّ الصحي والإجتماعي الأولوية في هذه الظروف.
وفي سياق متّصل، يُنقل عن مصادر ديبلوماسية، أن المخاطر بدأت تحيط بلبنان في أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً على خلفية التطوّرات التي جرت منذ أيام معدودة في أربيل، بمعنى لجوء «إسرائيل» إلى التصعيد ، مستغلّة انشغال العالم بأسره بالحرب الحاصلة في أوكرانيا، وعليه، يبرز قلقٌ في هذا الوقت الضائع من أن يعود لبنان ساحةً لتصفية الحسابات والخلافات، ولذا، فإن أكثر من رسالة عربية ودولية نقلت إلى المسؤولين اللبنانيين تحذّرهم من مغبة ما قد يحصل، في حال لم يتمّ تحصين الساحة الداخلية عبر التوافق السياسي وإجراء الإنتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها الدستورية.
وفي هذا المجال، تشير المصادر نفسها، إلى معطيات تمتلكها أكثر من جهة سياسية فاعلة، ومن خلال اتصالات جرت معهم من قبل أصدقاء مشتركين من باريس إلى واشنطن، ومفادها، أن لبنان قد يمرّ خلال الأشهر القليلة المقبلة في مخاضٍ عسير على كافة الأصعدة، وعلى وجه الخصوص الملفات الإقتصادية والحياتية والإجتماعية، وحيث أوروبا نفسها بدأت تعاني من أزمات كبيرة، فكيف الحال في لبنان المنهك إقتصادياً والمُفلس، وإذا لم يتم تداركه من قبل مسؤوليه، فإنه مقبلٌ على الأسوأ، ولن يجد من يكون إلى جانبه في خضمّ هذه الحرب الكبيرة التي تشهدها أوكرانيا، وحيث المجتمع الدولي برمّته يواكبها على مدار الساعة، بحيث بدأت تغيّر في الوقائع الجيو ـ سياسية أوروبياً وكذلك إقتصادياً.
وبالتالي، تحذّر المصادر عينها، من أن لبنان لن يكون بمنأى عن هذه التفاعلات والإرتدادات، كونه على تماسٍ إقتصادي وسياسي مع دول الإتحاد الأوروبي، لا سيّما فرنسا التي هي من تتولى الملف اللبناني، ولكنه موضوعٌ على الرفّ في هذه الظروف الإستثنائية أوروبياً ودولياً، ما يُبقي اللعبة مفتوحة على كافة الإحتمالات في حال لم تعالج الملفات الداخلية توافقياً، ولو اقتضى الأمر تنظيم الخلافات، وتجنّب إثارة أي مسألة من شأنها أن تغرق البلد في أزماته المتراكمة.
ويبقى أخيراً، وإزاء هذه الأجواء الضبابية، أن يتأثر مصير الإستحقاقات الدستورية، بما يجري من حروب وأزمات، وغياب الإهتمام العربي والدولي الذي كان موجوداً قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، أي أن البلد يعيش «كل يوم بيومه» بفعل التطوّرات الإقليمية والدولية، بينما تبقى القضايا الإقتصادية والحياتية عاملاً أساسياً ثقيلاً على المشهد السياسي العام.