ليس جديداً ما نشير إليه اليوم، إذ هو وجع بات، من أسف شديد، مستَداماً. والمقصود هذا الفَلَتان اللامسبوق في الأسعار، خصوصاً ما يتعلق بالمواد الغذائية، وسائر متطلبات الحياة اليومية…
إننا، اليوم، أمام دولار أميركي سعره الفعلي يلامس الأربعين ألف ليرة لبنانية.
مَن مِن اللبنانيين لم يعانِ جراء وصول الدولار إلى ثلاثين ألف ليرة؟
ومن لم يدرك (ويعانِ) من عدم تراجع الأسعار، فعلياً، موازاةً بتراجع الدولار إلى عشرين ألفاً؟
ومن لم يواكب هذه القفزة في الأسعار، يومياً تقريباً، مع هذا الصعود الحثيث في قيمة الورقة الخضراء على حساب العملة الوطنية؟
حتى الخضار باتت فوق متناول الناس بتسجيلها أرقاماً خرافية (على سبيل المثال لا الحصر: كيلو اللوبياء الخضراء بمئة وخمسة وعشرين ألف ليرة)! وبالمناسبة ثمة شكوى عارمة، من المزارعين لعدم تصريف الإنتاج في البلدان العربية، والمبدأ العام هو المعادلة المعروفة: أي إنتاج لا تتوافر أسواق ترويجه يهبط سعره… فأين نحن من هذه القاعدة؟
كان متوسط المرتّب الشهري يكاد أن يكفي «نزلتين» إلى السوق، فبات لا يسد حاجة نزلة واحدة…
كيف سيعيش الناس البائسون في هذا البلد المنكوب؟
هل يأكلون صوَر الطلّات البهية للمرشحين، أو يشربون «زوم» البيانات الخشبية، أو يتدثّرون باليافطات التي تحمل شعارات طق الحنك والنفاق والكذب المفضوح على الناخبين، أو تطمئنهم جحافل المرشحين…
ويتلهون بإلهاء الناس بمنّ وسلوى الانتخابات… وتلك حكاية لا يمكن لأحد منهم أن يجزم بنهايتها، بل بأساسها: هل تُجرى أو لا تُجرى! وحتى أكثر القائلين بإجرائها تفاؤلاً، لا يتعدى رهانه الخمسين في المئة.. عجبي، كيف لهذا الجائع، وهذا العطِش، وهذا العريان (…) أن يستكينوا؟!.