IMLebanon

أين كنا… وأين أصبحنا؟

 

 

بدل الوفاق الوطني والوحدة الوطنية وتهذيب لغة العقل ولغة الضمير الوطني، نكتشف ان معظم السياسيين والمسؤولين هم بلا ضمير وطني، بل لديهم ضمير شخصي يتعلق بمصالحهم الذاتية.

 

مسؤول كبير مالي في صندوق النقد الدولي رفض الكشف عن اسمه لاسباب تتعلق بقواعد العمل في صندوق النقد، ابلغنا انه اذا تم الاتفاق بشأن انتخاب رئيس مجلس النواب، اياً يكن الشخص، شرط التوافق والوحدة الوطنية، فان الدولار سيهبط بنسبة 30% على الاقل، وترتفع قيمة الليرة اللبنانية بالنسبة ذاتها اي 30% واكثر .

 

قال لنا: بلدكم بحاجة الى استقرار، وبحاجة الى مسؤولين يغلّبون العقل والضمير الوطني على مصالحهم الشخصية، وهذا هو المدخل الحقيقي للتعافي الاقتصادي في لبنان، لان التعافي ليس اقتصاديا فقط، بل سياسي بالدرجة الاولى، لان لبنان يحتاج الى وفاق وطني بعد سلسلة الازمات التي عاشها ويعيشها خصوصا منذ عام 2005 وحتى اليوم.

 

اضاف المسؤول المالي الكبير في صندوق النقد الدولي، انه اذا تم الاتفاق على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بروحية وطنية حقيقية، فان لبنان يكون مثل دولة تلقت مساعدة من الخارج بعشرة مليار دولار. وسأل المسؤول المالي الدولي ماذا ستفعل 3 او 4 مليارات للبنان اذا قدمها صندوق النقد الدولي، وهو لن يقدمها قبل اجراء اصلاحات وتوقيع اتفاق خطي بشأنها مع مراقبة الاصلاحات خطوة خطوة، ولو خرجت اي حكومة وطنية عن خط اجراء الاصلاحات البنوية الاساسية، فان صندوق النقد الدولي قد ينسحب من عملية انماء لبنان حتى تعود الامور الى مجراها الحقيقي والواقعي والشفاف.

 

وخلص المسؤول الدولي الى القول: التعافي الاقتصادي الحقيقي في لبنان هو الوحدة الوطنية ووقف الفساد. ولولا الازمة السياسية في لبنان لما وصل الى هذا المستوى من الانحطاط الاقتصادي والمالي. السبب الحقيقي للازمة ليس مالياً، انما السبب الحقيقي هو الخلافات السياسية وغياب الضمير الوطني والفساد.

 

اما نحن في لبنان، فنسأل اين كنا واين اصبحنا؟

 

الوزير جبران باسيل يقول انه تم انتخاب 18 نائبا للتيار الوطني الحر، وقريبا سيصبح عدد التيار 22 نائبا، فماذا يُفيد عدد النواب وتعداده؟

 

والقوات تقول انها اكبر كتلة مسيحية وارتفع عدد نوابها من 15 الى 19 وحلفاءها هم 4 او 5 ، فماذا يفيدنا تعداد النواب؟

 

والثنائي الشيعي الوطني يقول انه يملك 27 نائبا من الطائفة الشيعية، وان حلفاءه يصل عددهم الى 30 نائبا سيؤيدون الرئيس نبيه بري في انتخاب رئيس المجلس النيابي، وقد يكون العدد اكبر.

 

لقد كان للتيار الوطني الحر 31 نائبا ومعه رئاسة الجمهورية، فنسأله اين كنا واين اصبحنا؟ ونسأل كل الكتل التي تجري تعداد نوابها، اين كنا واين اصبحنا؟ لقد كانت ربطة الخبز بسعر 1500 ليرة واصبح سعرها اليوم 18 الف ليرة ، وفي السوق السوداء اغلى.

 

كنا نعيش وسعر الدولار 1500 ليرة لبنانية، فاصبح الدولار يتخطى 30 الف ليرة.

 

ايها المسؤولون والسياسيون، اين لغة العقل ؟ اين هي الوحدة الوطنية ؟ واين الوفاق الوطني ؟ انتم لا تشفقون على الشعب اللبناني.

 

كان سعر الدواء 10 آلاف ليرة و15 الف ليرة، فاصبح اليوم 300 الف ليرة واكثر، حتى ان بعض الادوية تخطت المليون. كان الدخول الى المستشفى يكلف 300 او 400 ألف، فاصبح اليوم يكلف 2000 دولار او اكثر، وهنالك مرضى يموتون يوميا بسبب عدم قدرتهم على دفع ثمن الادوية او ثمن المعالجة في المستشفيات . والمصيبة الكبرى في مرضى السرطان، الذين ينتظرون من اسبوع الى سبوع ليحصلوا على علاجهم، وبالكاد يستطعيون الحصول على الدواء المدعوم، لكنه مختفٍ من الصيدليات، وغير موجود الا بالوسائط.

 

ايها المسؤولون والسياسيون، اين كان الشعب اللبناني واين اصبح؟ كان شعبا عزيزا، فاصبح يفضل الرحيل على ان يبقى في لبنان.

 

وماذا عن الهجرة، فقد هاجر 100 الف مواطن من صبايا وشباب وعائلات. ومن كثرة الطلب على جوازات السفر لم يعد هنالك من جوازات للسفر، لان 70 الف جواز سفر تم ختمها وتسليمها لمواطنين وطلاب .

 

كان الشعب اللبناني مستقرا هادئا، اجتاز مرحلة «داعش»بطمأنينة ، لكن «داعش» الحقيقية هي انتم ايها المسؤولون والسياسيون. فمع كل جرائم «داعش» استطاع الجيش اللبناني والمقاومة ضربها ومنعها من تخريب لبنان، اما انتم ايها الدواعش فخربتم لبنان وافقرتم شعبه، فتحول بنسبة 93 % منه الى طبقة فقيرة .

 

توقفوا ايها المسؤولون والسياسيون عن تعداد عدد نوابكم، مارسوا اللعبة الديموقراطية التي تفقدونها، كونوا على قدر المسؤولية المطلوبة، اشعروا مع الجياع، اشعروا مع المرضى، اشعروا مع الذين هاجروا وهم حزينون ومقهورون ويائسون، اشعروا مع الشعب اللبناني الباقي المعذب والذي لا يعرف ماذا يخبىء اليوم الثاني في حياته.

 

المطلوب يقظة وطنية، المطلوب انتفاضة وطنية شعبية بعيدة عن الطائفية، المطلوب ضمير وطني مفقود منكم ايها السياسيون والمسؤولون، المطلوب وحدة وطنية، والوحدة الوطنية تتطلب شعبا واعيا، ولكن للاسف مرض الطائفية ومرض المذهبية يُفقد الوعي عند الشعب اللبناني.

 

القضاء غير مستقل، والقضاة يختلفون فيما بينهم علنا بتصريحات على وسائل الاعلام، اما الكهرباء فكلها مولدات خاصة، ففي افريقيا تأتيها الكهرباء 24 ساعة على 24 ساعة، ولبنان العظيم الذي كان يغطي 24 ساعة من الكهرباء قبل 40 سنة باتت شركة الكهرباء في لبنان ووزارة الطاقة لا تغطي 4 ساعات في اليوم الواحد.

 

انتم ايها السياسيون والمسؤولون من دون ضمير وطني، وهذا اقل ما يقال عنكم، واذا اردتم ان تعرفوا ذلك، اسألوا شعبكم عنكم. صحيح ان الانتخابات النيابية جرت، ولكن هذا لا يعني ان لديكم روح الوحدة الوطنية او تشعرون مع شعبكم، بل اشترك المواطنون في الانتخابات لانهم استسلموا للامر الواقع الذي هو فاسد الى حد بعيد .

 

ايها السياسيون والمسؤولون انتم بلا ضمير وبلا وحدة وطنية، وتكرهون شعبكم واوصلتموه الى اكبر هاوية في تاريخه.