أيام معدودة أمام مبادرة الرئيس نبيه بري. إما أن تسلك طريقها الى تشكيل الحكومة، وإما أن تمنى بالفشل. واللبنانيون يعقدون عليها الآمال العريضة انطلاقاً من ثقتهم بصاحبها المعروف عنه أنه يتابع مواقفه بإصرار بالتلازم مع قدرته على ابتكار الحلول، مع الإقرار سلفاً بأن المأزق الحكومي، هذه المرة، أكبر من أي مرة، وبالذات في ظل الأزمة والانهيار الشامل اللذين يضربان لبنان.
ومن أسف أن حديث المأزق يترافق مع كلام في الداخل والخارج عن أن البلد مقبل على فوضى عارمة، يتعاظم عدد الذين يحذرون منها.
كان الجانب الفرنسي قد أرفق مبادرته المعروفة التي قادها الرئيس إيمانويل ماكرون بدق ناقوس الخطر منبهاً الى أن لبنان في طريقه الى الموت. يومها لم يكن لبنان قد وصل، بعد، الى قعر الهاوية. أما اليوم فنحن في قعر القعر.
فهل يؤدي الإعلان عن توقيف عين التينة مبادرتها، لا سمح الله، الى فوضى هادرة أخطر من حرب السنتين؟
السبب الرئيس والـ»منطقي» للفوضى سيكون حتماً عجز الناس عن القيام بأود الحياة خصوصاً تعذر الوصول الى لقمة الكرامة حتى جرعة الدواء.
ولقداعتدنا في لبنان على أن نعرف كيف تبدأ الفوضى ولكننا لا نعرف كيف تنتهي. ولنا في حرب السنتين خير مثال وهي انطلقت شرارتها بقتال بين لبنانيين وفلسطينيين، لتتناسل حروباً بين الجميع، حتى داخل الطوائف، بل داخل المذاهب! مع ما سجل من غزو عدواني إسرائيلي، وأيضاً إسناد الوصاية على القرار اللبناني الى الجانب السوري..
في تقديرنا أن الفوضى غير مستبعدة… إلا أننا لا نوافق من يقول إن لبنان سائر الى حتفه أفرنسياً كان او أي جهة أخرى.
لا نقول هذا لأننا نؤمن بلبنان في ماضيه الذي كله تجارب قاسية وحسب، بل أيضاً لأننا نثق بأن المحنة الحالية، على قساوتها، لا بد أن تصل الى خاتمة ولو بالولادة القيصرية.
ثم إننا نعرف مقدار الاستعداد الخارجي، لدى دول كبرى وشركات عملاقة، للاستثمار في إعادة إنشاء المرفأ، الى مشاريع النفط والغاز، وحتى في قطاع الطاقة الكهربائية. أضف الى ما تقدم الرهان الدولي على الجيش اللبناني.
فمن يسعى الى الاستثمارات الضخمة في وطن يموت؟
أما أن تقع الفوضى، والقاسية، فهذا أكثر من احتمال. ويبقى السؤال: من سيضبط إيقاعها؟