IMLebanon

دولة تدول ووطن يزول

 

 

السؤال ليس ما إذا كان اللبناني سينجو من هذا الليل الطويل، بل ما اذا كان قادراً عن أن يتجاوز اليوم الى الغد. هكذا ببساطة مخيفة! كل شيء حالك السواد من حوله. كيفما أدار وجهه اصطدم بالجدران الصفيقة والأبواب محكمة الأقفال. هكذا في الصحة، والطبابة، والاستشفاء، والمدرسة والكتاب، والمرتّبات والتعويضات، والنقل والمحروقات، الغذاء والشراب (حتى الماء)، والالتزامات العائلية والمنزلية عموماً، وخصوصاً فقدان جنى العمر بودائع ليس ما يشير الى  مجرد بصيص أمل باسترجاعها وهي أصلاً لن يبقى منها شيء جرّاء تدابير (نصفها غير مفهوم) فتذوب أمام ناظري صاحبها وهو عاجز عن أي ردة فعل أو حراك، والرسوم المرتفعة (غير المبررة أو المفهومة) التي تفرضها المصارف على أي إجراء أو معاملة أياً كان نوعها كأن تتقاضى رسما مرتفعاً مقابل دفع فاتورة الهاتف الموطَّن عندها وتكون قد تقاضت رسماً مماثلاً بدعوى تحويل قيمة الفاتورة الى حساب التوطين لديها (حاول أن تفهم) أو أن يتقاضى البعض عشرين دولاراً مقابل إعطائك «شيكاً» من رصيدك لديه لتسديد قسطٍ ما قيمته فقط مئتان من الدولارات.

 

وهذا النموذج من اللوحة اللامعقولة عن الحال المأساوية الموجعة التي يعانيها اللبناني مع ما يترتب على كل بند منها من تداعيات بالغة الخطورة، تزيدها وجعاً نظرة بانورامية الى المشهد السياسي العام بأبعاده كلها وليس فيها بقعة أمل واحدة. وأبشع من ذلك كله قاطبةً أولئك المسؤولون عن الانهيار، في المسؤولية الرسمية وخارجها، فلا يرف لأحدهم جفن أمام هذا التقهقر اللامسبوق، وهم يستمرون في مماحكاتهم وأكاذيبهم وألعبانياتهم، والبحث عن المكاسب الذاتية فيما هموم الناس في مكان آخر تماماً. إنه زمن القهر والعذاب والإذلال، وشعب يغرق في التنبلة، ودولة تدول، ووطن يزول.