Site icon IMLebanon

أيُّها اللبنانيّون مصيركم على المحك أسود اللون إنْ لم تتداركــوا خطــر التسويات

 

أيُّها اللبنانيّون، إنّ المشهد السياسي العام وما يُرافقه من تداعيات يزداد سوءاً على كافة الصعد وإعلموا يا سادة أنّ مواقف السياسيين كل السياسيين ومن دون إستثناء تُنذر بالأسوأ لأنهم لا يملكون حرية القرار والتصرّف فعلمياً هم أسرى تحالفاتهم التي أنتجت هذا الخراب المتمادي الذي تمرُّ به البلاد.

تشهدون ونشهد معكم وترافقنا الشهادة منظمة حقوق الإنسان مزيداً من التدهـور حيث أكثر من 80% منّا محرمون من حقوقنا الإنسانية منها على سبيل المثال لا الحصر: الصحة – التعليم – المستوى المعيشي اللائق – الكهرباء – الطرقات – وسائل الإتصال… وذلك بسبب سوء إدارة الساسة في لبنان ويتزامن هذا الأمر مع سكوت مطبق من جانب الروحيين، مسيحيين ومُسلمين، كما غياب التدابير السياسية الفعّالة التي تشمل: السياسية – الأمن – القضاء – المال.

لم يُحاسب أحد حتى الآن على ما يحصل من تعدٍّ على الديمقراطية حيث إبتدعــوا قانوناً إنتخابياً على قياسهم وباركه القادة الروحيون دونما الإستفسار عن مضمونه وخلفياته فكانت النتيجة مجلساً نيابياً يُشوِّه العمل الديمقراطي والنتيجة كتل متناحـرة تتقاتل صُورياً وتتقاسم مغانم الدولة سرقةً… لم يُحاسب أحد حتى اليوم على الإنفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أب 2020، وأودى بحياة حوالي 250 مواطناً لبنانياً عدا الجرحى والمفقودين كما دمّـر نصف مدينة بيروت وشلّ أعظم مرفأ على باب المشرق. لم يُحاسب أحد على سرقة المال العام وما أنتجته هذه السرقة من مديونية بلغت ما يزيد على الـ 100 مليار دولار أميركي وهذا الأمـر هو ذروة الفساد وقلّة الضمير اللتان تحكمان ساسة لبنان.

ساسة يستمرّون في عرقلة وتأخير التحقيقات التي تُجرى في كل مجالات السرقة بما فيها جريمة مرفأ بيروت ونطرح السؤال: من يحمي مسؤولين كبار من المحاسبة؟! قضاة يتنحّون، إضافةً إلى مجموعة من الشوائب الإجرائية والبنيوية في كل تحقيق يُجرى وبذلك يعيقون تأمين العدالة بشكل موثوق، ويتذرعون بالحصانات لكبار الساسة وعدم إحترام معايير المحاكمات العادلة وإنتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة.

هل أدركتم أنه بلغ معدل التضخم في البلاد ما يُقارب الـ281% وألا تلاحظون أنّ أسعار المواد الغذائية وحدها وصلت إلى ما يُقارب الـ550%، وعملتنا الوطنية فقدت حوالي 90% من قيمتها، تزامناً مع قرض المصارف للدولة من كيس المودعين أي أنتم ونحن… أثار هذه السياسة المنتهجة من قبل السّاسة كارثية وإستناداً لعدة تقارير حصلتُ عليه كمركز أبحاث أنّ نسبة السكان الذي يعيشون في الفقر بلغت حوالي 81%… والدولة بكافة أجهزتها التشريعية والتنفيذية والإجرائية والقضائية والأمنية لم تقدِّم أي دعم للمواطنين الذين يُكافحــون في مواجهة هذه الأزمة السياسية ومتفرعاتها.

نعم هناك إحتجاجات تُناهض السياسة العامة ولكن دولة الدكتاتورية تستخدم القوى الأمنية لتفريق أي إحتجاج يحصل في الشارع لا بل تُسارع إلى دس المندّسين بين المحتجّين، إضافةً إلى ذلك تستدعي مناضلين إلى مراكز التحقيق وتجري معهم تحقيقات أقل ما يُقال عنها أنها منافية للقضاء وتمطرهم بأسئلة تافهة وباتهامات وهمية مفبركة على قياس هذه الطبقة الفاسدة القائمة خلافاً للنظام الديمقراطي… والناس يرزحون تحت وطأة التهديدات والتواقيع بالإكراه على عدم ممارسة أي نشاط سياسي… نعم هذه هي الحقيقة.

أيُّها اللبنانيّون، إياكم نسيان ما يحصل من تعدٍّ على الدستور، تذكّروا الموازنات وطريقة إعدادها وصرفها، تذكّروا كيف تُركّب الحكومات ومن يوزّر فيها وما هي مؤهلاتهم الفكرية والسياسية، تذكّروا سعر صرف الدولار من ألف وخمسماية إلى تسعين ألف ليرة، تذكّروا تعهد الساسة بعدم صرف الأموال إلّا وفقاً للطرق القانونية، وقارنوا كيف صرفوها… تذكّروا الإحتياط في مصرف لبنان وأين أصبح اليوم ولماذا صار حوالي 8 مليارات ليرة، تذكّروا الهجرة النازفة ، تذكّروا الوعود التي لم ولن تتحقق ومنها على سبيل المثال:

• تطبيق إتفاق الطائف (حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية – نشر الجيش على الحدود…).

• إعتماد اللامركزية الإدارية – إلغاء الطائفية السياسية.

• إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.

• متابعة العمل على عودة اللاجئين والنازحين.

• إستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

• وضع خطة لإصلاح القطاع المصرفي.

• حماية الحريات العامة.

• الحد من التهرُّب الضريبي.

• العمل على إنجاز قانون إنتخابي عادل ومتوازن.

• العمل على إنجاز الموازنات العامة وفقاً للأصول.

• إستكمال التعيينات.

• مكافحة الفساد.

• معالجة موضوع الكهرباء.

• إتخاذ إجراءات لتطوير القطاعات الإنتاجية.

• خطة نقل عام.

يوهمونكم أنهم يريدون إنتخاب رئيس جديد للجمهورية وهذه كذبة سمجة لأنهم عملياً يسعون لإيصال رئيس لإدارة الأزمة وفقاً لشهواتهم وأجزم وفقاً لما يصلني من معلومات مستقاة من ساسة معيّنين «إننا نعمل لإيصال رئيس يعمد إلى إدارة الأزمة خلال المرحلة المقبلة وإننا سنواجه كل الاقتراحات المطروحة من باب المراوحة وليس الإنخراط في مناقشات فعلية تؤدي إلى خواتيم سعيدة» تلك هي خطتهم.

خبرتنا المتواضعة نابعة من متابعة دقيقة لوصول رؤساء جمهورية منذ الاستقلال، وهذا يعني أنّ إنتخاب مطلق أي شخصية على هذا المنوال هو مزيد من الإنهيار وتراكمات أزمات سيادية – سياسية – أمنية – اقتصادية – مالية – إجتماعية… إعلموا أنهم جميعاً، روحيين وعلمانيين، يحرصون على مصالحهم ومصالح الغريب في وطن أرضه سائبة ملتهبة خصوصاً في ظل جموح رجال الدين الذين لا يتجرأون على قول الحق وتسمية المتلاعبين بمصير الوطن بالإسم وكل ذلك للقضاء على أحلامكم وتشريدكم إلى كل أصقاع العالم.

أيّها اللبنانيّون، مصيركم على المحك أسود قاتم سواده يُنبئ بالويل، الخطــر سيُداهمكم أنْ لم تتداركوا الخطر الآتي من قادتكم روحيين وزمنيين… بادروا إلى إتخاذ خطوات عملية، فعلياً قد تأخّرتم كثيراً ولكن هذا لا يمنع من المحاولة ولكن إيّاكم أن تكون خجولة، أثبتـــوا وجودكم وقولوا: لا أيُّها العملاء… نحن قادمــون.

 

* كاتب وباحث سياسي