Site icon IMLebanon

لبنان لم يتحمّل عون وجعجع في خلافهما فكيف اذا تحالفا؟

اذا كانت خلوة بيت عنيا في حريصا قد جمعت طلاب «التيار الوطني الحر» وطلاب «القوات اللبنانية» وشكلت مفاجأة غير متوقعة على الساحة المحلية، فان مفاجأة المفاجآت تمثلت بوصول رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ليسجل الهدف الثاني في شباك الرابية، ولكن في مباراة ودية للغاية حيث الرابح الوحيد فيها يتمثل بالاجماع المسيحي كون «التيار» و«القوات» يمثلان بشكل ندي الوجدان المسيحي الذي تصالح مع نفسه بفعل الجهود المستحيلة التي بذلها النائب ابراهيم كنعان ورئىس جهاز التواصل والاعلام في القوات ملحم رياشي لاقرار «ورقة النوايا» التي مسحت اللوح الاسود في العلاقات بين الطرفين المسيحيين اللذين لم يقاتلا كما تقاتلا وفق الاوساط المقربة منهما.

واذا كان اعلان «ورقة النوايا» الخطوة الاولى في مسيرة الالف ميل والتي شكل اعلانها صفعة للمراهنين على استحالة تلاقي العماد ميشال عون ـ جعجع، الذين سعوا لتسويق اللقاءات بين كنعان ورياشي ابان التحضير لها على انها مسألة تقطيع وقت لا اكثر ولا اقل وعلى قاعدة استحالة الجمع بين الماء والنار، فان الخلوة الطلابية بين طلاب «التيار» و«القوات» تشكل الخطوة الثانية في المسيرة نفسها، الا ان البارز في هذا المجال استشراف رغبة لدى الزعيمين المسيحيين بوجوب الاسراع في تطبيق كافة البنود اثر انتقال «النوايا» من الورق الى الواقع الميداني، لا سيما ان المسيحيين الذين اقتلعوا من جذورهم في العراق وفي سوريا وفلسطين لم يبقَ لهم الا الجبل الذي تحصنوا فيه ابان الزمن «العثملي» الاسود، الذي عاد ماضغاً احلامه الامبراطورية عبر تركيا اردوغان احد ابرز صانعي وممولي همج «داعش» ومشتقات «القاعدة».

وتضيف الاوساط ان وحدة المسيحيين هي وحدها الكفيلة باعادة ما خسروه من حقوق في «اتفاق الطائف»، وتموضعهم بقوة على الرقعة السياسية من جديد، وانه يمن عليهم بنوابهم ووزرائهم حيث يعين «تيار المستقبل» النواب المسيحيين في لوائحه وكذلك الامر مع رئىس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي تعود اليه الكلمة الاولى والاخيرة في لوائح الجبل في الشوف وعاليه، فالمسيحي الذي ينال رضى «البيك» يحل بمظلة على مقعده في البرلمان، وقد وصل الواقع المسيحي الى الحضيض عبر «ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم»، ولكن اذا وصل التفاهم بين عون وجعجع الى مرحلة التحالف وهذا ما يطمح اليه المسيحيون وتباركه بكركي، فان كافة المعادلات ستتغيّر وفي طليعتها ان ترتيب البيت المسيحي سيكون مقدمة لترتيب البيت الوطني للانتقال ولو مرحلياً من خيمة قبائل الطوائف الى مرحلة الشعب والمجتمع، في مرحلة هي الاكثر استثنائية، كون الخطر الوجودي يهدد كافة المكونات الوطنية.

وتشير الاوساط الى ان التحالف بين عون وجعجع اذا حصل سيحمي المسيحيين اولاً واللبنانيين ثانياً، فالوصاية السورية ابان جبروتها لم تستطع اخضاع المسيحيين الا عندما نجحت بكسر الجبل المسيحي من زاوية «فرق تسد»، وهذا ما يدركه القطبان المسيحيان وعايشاه، فتحالفهما المرتجى يشكل تكاملاً لديهما، حيث يستطيع الطرفان ان يشكلا جسر عبور لبعضهما البعض باتجاه المكونات الوطنية الاخرى التي يرتبطان بتحالفات معها، ويعيدان العامل المسيحي الى دوره الحقيقي في ان «لبنان رسالة وليس وطناً» وفق مقولة البابا القديس يوحنا بولس الثاني، وعلى الرغم من ذلك يخشى المتضررون على الساحة المسيحية بشكل خاص والوطنية بشكل عام من وصول الطرفين الى التكامل بالتحالف لان البلد في نظرهم لا يكاد يتحمل عون او جعجع في خلافهما فكيف في تحالفهما، لا سيما ان الرجلين من الطبقة الشعبية اقتحما الحلبة مطيحين بالتقليدية السياسية التي لا يزال البعض اسراها ويعيشون في الماضي حتى اشعار آخر. فهل يحصل ذلك بشفاعة حريصا ام بشفاعة الثنائي كنعان ـ رياشي؟