IMLebanon

لبنان الذي أخافُه

 

 

بالرغم ممّا بلغ إليه لبنان من بشاعات فأنا لا أخاف. فلا اللصوص الذين يسرقون ودائع الناس يخيفونني، ولا الفاسدون الذين يستبيحون هذه المسمّاة دولة يخيفونني، ولا المزايدات المذهبية والطائفية تخيفني، ولست أخاف تهديد المجرم بنيامين نتانياهو ووعيد أركان نظامه العنصري، ولا الشغور الرئاسي وفي المواقع الكبرى، ولا حتى هذه الهجرة الرهيبة التي تستنزف الطاقات والأدمغة والمهارات تخيفني الخ…

 

فتلك كلها وسواها الكثير من السلبيات بالغة الأذية أعرف مضارها ومخاطرها، ولكن ثمة قدرة على تجاوزها والمعافاة منها… أمّا ما يخيفني كثيراً الى حدّ الهلع فهو فقدان الإنسان إنسانيته وتحوله الى وحش، مع فوارق عديدة هي في مصلحة نزلاء الغابة!

 

فقد يخيفني ويرعبني ما أقدمت عليه تلك المرأة في دار الحضانة. فأي وحش يسكن فيها؟ وبأي حجر استبدلت قلبها؟ إن فقدانها أدنى مزايا الإنسان هو ما يخيفني.

 

ويرعبني ذلك الطفل الذي أضرم النار في جرو إحدى الهررة وراح ينتشي وهو يشاهده يذوب حريقاً وألماً. والموجع أنه بعد أيام قليلة تكررت هذه الجريمة، إنما على نطاق واسع، وفي منطقة أخرى، على أيدي بضعة صبية أحرقوا مجموعة من الجراء.

 

ويخيفني أن الجرائم الكبرى (كتلك التي تنقلها قناة ID التلفزيونية عن المجتمع الأميركي) باتت جزءاّ من حياتنا اليومية: هنا امرأة تتواطأ مع عشيقها الكهل، الموجود في بلد خليجي، على قتل زوجها الشاب المقيمة واياه في لبنان، فيستأجر العشيق قاتلاً محترفاً من النازحين السوريين الذي ينفذ الجريمة مقابل اثنتي عشرة ليرة ذهباً وخمسة آلاف دولار أميركي. وهناك امرأة تستدرج زوجها الى مقتله على يد عشيقها. وهنالك رب أسرة يقتل امرأته وبناته الثلاث أمام أعين بعضهن البعض. وهناك امرأة تقتل أطفالها إكراماً لعيون العشيق… وثمة محلّة في ضاحية بيروت الشرقية – الشمالية باتت مرتعاً للمتاجرين بالمحرمات كلها من الدعارة الى المخدرات، ويكاد لا يمر يوم من دون وقوع جريمة فيه… ولا يخفف من خوفي من هذا اللبنان أن معظم تلك الجرائم ليس اللبنانيون وحدهم أبطالها. والسؤال المصيري ليس «أي لبنان نريد»، إنما هل من سبيل لإعادة الإنسانية الى فاقديها في لبنان؟