IMLebanon

لبنان … الطريق طويلة

 

الطريق طويلة نحو الانتظام والاستقرار في لبنان والمنطقة، وامام الاجيال الصاعدة تحديات عظام في الهويات والقناعات والثقافات والكيانات وربما نشهد تغييرا في الحدود والانظمة وبالحلفاء والاعداء، والطريق الى الاستقرار والانتظام تحتاج الى مكونات ونخب سياسية تؤمن بالخلاص الوطني لكل المكونات بخلاف الواقع القائم حيث يعمل كل فريق على الخلاص الذاتي على حساب الشركاء وتقديم الولاءات الخارجية على الوطنية، والطريق طويلة للتحول من خطابات الانتصارات والهزائم الى خطاب النجاح والتقدم والانتقال من المحاصصة القاتلة الى المنافسة الشريفة من اجل الافضل لكل لبنان.

 

الطريق طويلة نحو صناعة الاستقرار والانتظام في المنطقة بعد ان تعاظمت مخيمات النزوح واللجوء واصبحت نكبة الشعب الفلسطيني النموذج الامثل لشعوب المنطقة في لجوئهم ونزوحهم ومجازرهم واقتلاعهم من جذورهم ، وأصبح العالم من جديد منشغلا بتامين المساعدات الغذائية والدواء لأكبر كوارث العصر في اليمن وسوريا والسودان وربما قريبا في لبنان، واصبحت الطريق الى الدولة الوطنية مقطوعة بمئات الحواجز والمعوقات العنيفة والانانيات الطائفية والمذهبية والتداخلات الاقليمية والدولية والعربية.

 

الطريق طويلة امام بعض دول الإقليم في التحول الى دول عظمى على حساب اضطهاد الشعوب وتصدير الثورات او الهواة للعبث في دول الجوار وتقويض ابسط اسباب الأمان والسعي الى امتلاك القوة النووية او التكنولوجية او المالية او العسكرية واستخدامها في تهديد الجيران او الاشقاء مع تقديم فروض الطاعة للاقوياء الكبار، ولا يزال الطريق طويل امام دول الاستبداد لتحقيق الانخراط في العالم من دون ديموقراطية وحريات وانتخابات و تدوال للسلطة في دولة المؤسسات.

 

الطريق طويلة امام اللبنانيين للخلاص من بقايا مكونات سلطة الوصايات الغربية والعربية والاقليمية التي تتحكم بلبنان منذ اكثر من مئة عام والتي لا تزال قادرة على افتعال الازمات واستقدام ادارة الازمات والتي لم تقدم في يوم من الايام ما يعزز قيام الدولة القوية في لبنان، وكان انشغالها الدائم في استحداث مختبرات الاحقاد والنزاعات والقمع والاقتتال واحتراف كيفية الاستئثار بالسلطة والادارات العامة وعمليات النهب المنظم للمال العام.

 

الطريق طويلة امام شابات وشباب لبنان من اجل تكوين كيانات سياسية وطنية محررة من القيود الطائفية والمناطقية والعائلية والولاءات الخارجية وبعيدا عن العنف الامني والعسكري والسياسي والاعلامي، ذلك العنف الذي احترفته مكونات السلطة التي جعلت من قتل الشركاء في الوطن رسالة مقدسة تستبيح من خلالها كل المحرمات الاخلاقية والروحية والوطنية وتحاصر كل اجيال لبنان في حظائر الطائفية والمذهبية وتدمر كل جسور الوحدة الوطنية وتجعل من المواطنية الانسيابية الطبيعية عملية مستحيلة التحقق في لبنان.

 

الطريق طويلة ومؤلمة امام عملية الخلاص من اثقال تركة ثقافة الظروف الاستثنائية التي تحكمت بكل تاريخ لبنان الذي لم يعرف مرحلة طبيعية انسيابية طويلة من دون الدخول في نزاعات اهلية وسلطوية من اجل تجديد الانقسام وتامين الظروف الاستثنائية لاستدعاء الاشقاء والاصدقاء والجيران للتموضع في لبنان عبر الجيوش او المخابرات او السفارات او المساعدات او الوساطات والحديث يطول في هذا المجال، ورغم كل ما اصاب اللبنانيين من خسائر في دخلهم ومدخراتهم ودمار في المرافق والعمران والاسواق وتفكك في السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية ورغم اننا على بعد ايام من ذكرى ١٣ نيسان السادسة والاربعين فان الابواب في لبنان لا تزال مشرعة على كل الاحتمالات الكارثية السياسية والامنية والعسكرية والمالية والاقتصادية والاجتماعية ولا تزال الطريق طويلة لبلوغ حالة الاستقرار والانتظام العام في لبنان.