Site icon IMLebanon

مَن يدّعي أنّ لبنان مسخ هو المسخ نفسه

 

 

لبنان كان ولا يزال، منذ تأسيسه وحتى اليوم، كبيراً وعظيماً، مهما حاول بعض الأقزام التطاول عليه… هؤلاء المتطرفون لا يؤمنون بالله، ويدّعون بأنّ لبنان بلد مسخ، وهم بهذا يرتكبون إثماً عظيماً… لأنهم يكرهون النجاح، والعيش الكريم… وهم باختصار فقراء بالعلم والمعرفة… وإنّ كل واحد منهم هو المسخ نفسه.

 

الشعب اللبناني من أعظم وأرقى شعوب العالم.. صحيح ان عدد المقيمين فيه يتراوح بين 4 و5 ملايين… لكن هناك حوالى الـ16 مليوناً ينتشرون في أصقاع الارض قاطبة… أثبتوا نجاحهم في بلاد الاغتراب، وفرضوا أنفسهم رغم جائحة كورونا، بسبب وحدتهم وبُعدهم عن المذهبية والطائفية البغيضة وابتعادهم عن الخوض بالأمور السياسية.

 

وأذكّر بما قاله العميد ريمون إدّه، يوم فُرض على لبنان توقيع اتفاق القاهرة: «لقد أخذتم لبنان الى الهلاك»، فهو لا يتحمّل أن يكون دولة مواجهة.. لأنه بلد التعايش والمحبة والعلم…

 

ولنتذكر معاً عام 1950، وَلْنَعُدْ بالذاكرة الى الجامعة الاميركية في بيروت، والجامعة اليسوعية، والمدارس الراقية عالية المستوى. لقد كان لبنان يومذاك جامعة الشرق ومدرسته، ومرجعيته العلمية.

 

ولنتذكر أيضاً مستشفياته: كمستشفى الجامعة الاميركية وأوتيل ديو والمستشفى الألماني والمستشفى الفرنسي ومستشفى الروم… كل هذه المستشفيات جعلت من لبنان مستشفى الشرق من دون منازع، يؤمّه المرضى للمعالجة والاستجمام.

 

أما بالنسبة للقطاع المصرفي.. فيكفي لبنان فخراً، أن ودائعه فاقت الـ200 مليار دولار، وهو رقم يماثل الودائع في مصارف المملكة العربية السعودية… كل ذلك بفضل جهد وعمل وحكمة حاكم مصرف لبنان الاستاذ رياض سلامة.

 

لبنان أُنْشِئ ليكون بلد سلام ومحبة وعلم وسياحة، فالانتقال بين ساحله وجبله لا يستغرق أكثر من ساعة، وهذه ميزة فريدة له، إذ يجمع بين رياضتي السباحة والتزلج.

 

ويُثار سؤال بديهي: إذا كان لبنان بهذه المزايا والفرادة… فلماذا حصل ويحصل به هذا الكمّ من الانهيارات والتراجعات؟

 

بكل بساطة… لبنان أُوجِدَ من أجل ثقافة الحياة لا الموت… من أجل الجمال والحريات والسياحة والعلم والمستشفيات… وهو لم يكن يوماً بلد مواجهة… ولكن عندما حاول البعض إقحامه في أتون «المواجهة»… صار مهدداً بوجوده وازدهاره..

 

لبنان غير مؤهل ليكون دولة مواجهة… فإمكاناته المادية لا تسمح له بالتسلح… فمشروع السلاح يحتاج الى المليارات من الدولارات…

 

ولنأخذ مثالاً على ذلك ما حدث في العراق، يوم كان من أغنى الدول، بنفطه ومائه (دجلة والفرات)، وكان شعبه يعيش برغدٍ وإن كان تعداده يفوق الـ50 مليوناً. وحين أُدْخل في حرب مع إيران عام 1980، وكانت خزائنه تحوي رصيداً يفوق الـ180 ملياراً فائضاً… تحوّل بعد 8 سنوات من الحرب الى بلد شبه فقير، إذ خسر أكثر من 1000 مليار دولار وتبخرت المساعدات العربية التي فاقت الخمسماية مليار وترتبت عليه ديون باهظة.

 

من أجل ذلك كله نقول: كيف يُطالب لبنان بأن يكون دولة مواجهة لإسرائيل؟!!

 

من ناحية ثانية، يدّعي محور المقاومة والممانعة أنّ إسرائيل تخاف من الحرب مع لبنان…

 

لهؤلاء أقول ومن كل قلبي: «آخ» لو كان هذا الكلام صحيحاً، ولا أعلم على ماذا اعتمد قائلو هذا الكلام، لكنا في أفضل حال بالتأكيد.

 

هنا تذكرت حرب 2006 كيف كان محمد رعد ومعه قادة «الحزب العظيم» يرجون الرئيس السنيورة أن يضغط لإيقاف الحرب. وكما هو معروف ان سقوط «الحزب العظيم» وانتهاءه كان يحتاج الى يومين فقط…

 

وللتذكير أيضاً فإنّ الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982 حين بقيَت بيروت محاصرة 100 يوم لم يفك الحصار، إلاّ بعد إبرام اتفاق بخروج المقاومة الفلسطينية.

 

وهنا يأتي سؤال أيضاً: لماذا قبلت اسرائيل وقف الحرب بعد 31 يوماً فقط..؟ بصراحة وببساطة لأنها بحاجة الى بقاء «الحزب العظيم» الذي هرب حسب اتفاق 1701 من الجنوب وأصبحت المقاومة في بيروت… ومن هنا جاء احتلال بيروت بكل هذه الفوضى وهذا التخبّط وهذا الذل الذي يعانيه المواطن للحصول على حبة دواء أو رغيف خبز أو 20 ليتر بنزين أو صفيحة مازوت أو أي دولار.. سببه ان حكام هذا الوطن الجميل لا يحبون الشعب لأنهم لو أحبّوا شعبهم فعلاً لكانوا عرفوا الطريق الذي يجعل لبنان من أجمل وأرقى بلدان العالم ولكن…؟؟؟