نتوجّه الى الدول المهتمة بلبنان، إذا كانت حريصة على سلامته، نتوجّه الى الولايات المتحدة الاميركية، روسيا، الصين وفرنسا، كما الى ايران، ودول إخواننا العرب، لبنان لم يعد يتحمّل مزيداً من النزاعات.
انّ مساعدة لبنان لن تكون فعّالة من دون تحقيق هدفين أساسيين:
ـ اولاً، إنّ افضل مساعدة يمكن ان تقدّموها للبنان واللبنانيين، هو ان تفرضوا على الزعماء اللبنانيين والقوى السياسية الموجودة، أن يقرّوا وينفّذوا قانون الشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة. ونختصر هذا القانون بإيجاز: عندما يُطبّق هذا القانون، يُصبح في متناول كل شخص ان يدخل الى دفاتر وبيانات كل وزارة وإدارة عامة، ويعرف كيف يدخل كل قرش وكيف يُصرف.
إنكم تدركون تماماً أنّ أسباب إنهيارنا المدوّي هو الفساد، وقد ذكرتم ذلك مراراً، كما تعرفون انّ الجميع ينادي بمحاربة الفساد، إلاّ انّ التقدّم في هذا المجال ما زال حتى الساعة غائباً. وقد ذكرتم بوضوح ونحن نؤكّد ذلك، انّهّ من دون إصلاحات لن نستطيع تغيير الواقع، ولو حصلنا على أيّ مساعدة فستُنهب أو تُهدر.
في ظلّ هذا القانون يصبح صعباً الاستمرار في الفساد، وبواسطته سنكتشف كيف نستطيع إصلاح الوزارات والمؤسسات العامة المختلفة وتغيير الإجراءات الإدارية التي تؤخّر تنافسية لبنان ونموه.
اما إذا كان مطلبنا للشفافية المطلقة خاطئاً، او أنكم غير مقتنعين به، فأرجو إرشادنا الى مكمن الخطأ.
ـ ثانياً، لا تساعدوا الأفرقاء اللبنانيين على التقاتل، بل اجعلوا لبنان ساحة للتلاقي والحوار والتفاهم، وقد يصلح لبنان للتأسيس لقاعدة حوار تتوسع لتساهم في تقريب وجهات النظر في الخلافات، لو كان لبنان مستقراً ومزدهراً سيخدم جميع الأفرقاء. فقد حان الوقت لكي يفهم الجميع انّ خراب أي بلد سيؤثر سلباً على جيرانه، فطالما «جاري بخير انا بخير» والعكس صحيح، لأنّ الفوضى تتمدّد وتؤذي الجميع ويصبح الخراب شاملاً، كما انّ نجاح جاري هو نجاح لي ويساهم في بحبوحتي.
ونلاحظ انّ بعض الدول اعتمدت سياسة دعم وحماية شخصيات ارتكبت الفساد وساهمت فيه، بهدف السيطرة على تلك البلدان او تدمير اقتصاداتها لإضعافها، في حين انّها تحارب الفساد في داخل بلدانها، معتقدة انّه طالما الفساد هو عند الآخر وليس عندها فهي بخير. ربما حان الوقت لتعيد هذه الدول حساباتها وتغيّر هذه السياسات لأنّها سترتد عليها. فلا يمكنها اعتماد معايير مزدوجة لمحاربة الفساد في بلدانها وتغطيته في بلدان أخرى، لقد اثبتت التجارب انّ الفساد يتمدّد ويطاول الجميع.
تملك الدول اليوم فرصة تاريخية لتؤدي دوراً أكثر وضوحاً وأكثر تأثيراً وفعالية من ذي قبل، ونأمل في ان تحوِّل لبنان تجربة نموذجية تجمع التناقضات وتقرّب الأطراف محلياً واقليمياً، للوصول الى اتفاقات شاملة تعيد الاستقرار الى المنطقة والى لبنان.