IMLebanon

128 “نعم” و”لا”

 

 

إنْ قلتَ شعباً فقُـلْ لي كيفَ مجلسُهُ…

أول المآزق الدستورية أبصـر النـور، وسطَعَ النجمُ فـوق ساحة النجمة.

 

وقبل استحقاق إنتخابات ساحة النجمة ، أُزيلتْ من خارج المجلس النيابي «البلوكات الإسمنتية» بقرارٍ من وزير الداخلية اللبناني.

ويبقى داخل المجلس «بلوكات إسمنتية» مرصوصة، نخشى أن تحتاج إلى وزير خارجية خارجي لمعالجة الإستحقاقات الآتية.

 

هل تتحقَّـق نبـوءة الرئيس نبيـه بـري بعد انتخابه رئيساً حين قـال: «لنكنْ كلُّنا 128 «نعـم» للبنان: لبنان الإصلاحات وإنجاز الإستحقاقات، ولبنان السيادة… ولنكُنْ كلُّنا «لا» للبنان التنازل والمساومة والتطبيع…؟»

 

هل يكون كلامهم كلُّهم: «نعم نعم» للبنان بلسان المسيح و«لا لا» لغير لبنان، كما قال كذلك الشاعر الفرزدق في علي بن الحسين..

 

ما قالَ لا قـطـُّ إلاَّ في تشهُّـدهِ لولا التشهُّـدُ كانت لاءَهُ نعَـمُ.

 

وإلاَّ… فكيف يكون الخلاص؟ وعلى يـدِ أيِّ «زرادشْت» (1)، ينـزلُ إلى المدينة لإنقاذِ البشر بحكمتهِ، فيما الشعب يصفّقَُ لبهلوانيات راقص الحبال، والمدينة محكومةٌ باللاَّءات:

فريقٌ يعتبر أن لا حـلَ ولا إصلاح في ظـلِّ سلاح حزب اللـه.

وفريـقٌ يعتبر أنَّ لا حـل ولا إصلاح في ظـلِّ جماعة السفارات والعمالة الإسرائيلية.

 

وليس بالتهديد يُنتزَعُ السلاح، وليس بالتخوين تُمتحَنُ الوطنية ، مع أنَّ معزوفة الإصلاح والتغييـر أصبحت كالصلاة اليومية تُـتلى على ألسنتهم كلِّهم جميعاً، ويظلُّ الحـلُّ حكايةً خرافية ترويها شهرزاد للسلطان على مـدى ألـف ليلةٍ وليلة ولم تُنجبْ للسلطان صبيّاً.

 

هناك من يبشِّرنا: «بأنّ ما ينتظر لبنان في الأيام المقبلة حالـةٌ من الشلَلِ «التام» (ديفيد هيـل – مساعد وزير الخارجية الأميركية).

وإنّ ثمـة فوضى قد تقود إلى تفكيكٍ «تـام» للدولة اللبنانية (لودريان – وزير الخارجية الفرنسي السابق).

 

ويلتقي هذان القولان حـول ما هو شللٌ «تـام» وتفكيكٌ تـام» والكلمة قاتلة.

 

يخالجني الظـنُّ، أن القـوى الخارجية الحريصة على لبنان، وفي طليعتها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد يئِستْ بعد طـولِ الجهد من قيامةِ لبنان بواسطة المسؤولين فيه، إلاَّ أن يكون الإنهيار «التـام» دافعاً قسريّاً للرشد على قاعدة : «إنْ لم تخربْ لا تعمرْ».

 

هكذا نحن نخترع الأزمات ليحلَّها لنا الآخرون إغتصاباً بعد كلِّ حـربٍ ومأساة ومعاناة.

 

أزمـة 1958 عُلِّقتْ بتدخّلٍ من الرئيس جمال عبد الناصر…

 

والأزمات العسكرية والسياسية منذ 1975 عُلّقتْ برعاية دولية في أحضان «الطائف ولوزان والدوحة».

أما اليوم، فالعالم كلُّـه غارقٌ في أزماته الخانقة وحروبه الباردة والساخنة، وآخـر همومه واهتماماته هذا اللبنان الذي أصبح نقطـةً مشوّهة سوداء في الجغرافيا الكونية.

 

الرئيس نبيـه بـري يختتـمُ كلمته المجلسية بالقول: «الوطن بـات يحتضر بشهادة الجميع..».

وشهادة الجميع هذه، تستوجب استلهام يقظةٍ تاريخيةٍ حاسمة: إما أنْ نكون نـدَّابين حـول 128 وطناً يُحتضر على شفير النهايات.

 

وإما أنْ نكون لبنانيين بشهادة التاريخ حتى الشهادة.

وما لَـكَ بعدَ هذا اليومِ يـومٌ فـإنْ لـمْ تستطعْ لَـنْ تستطيعَا.