Site icon IMLebanon

الماراتون الثلاثي

 

 

الأيام القليلة المقبلة لن تحمل في طياتها ما يسمونه، في هذه المرحلة، «أعجوبة»، وحتى لو حدثت فهي ما يجب أن يكون حدثاً طبيعياً في مندرجات الدستور والنظام، أي أن تشكيل حكومة سويّة هو أدنى الواجب وانتخاب رئيس للجمهورية هو أضعف الإيمان… ومن أسف أن الأمور مقلوبة في لبنان، فالطبيعي صار شواذاً، والشواذ صار «عرفاً» إلى درجة أن التعايش مع الشغور بات ظاهرة أقل ما يُقال فيها إنها مقبولة كي لا نقول مطلوبة.

 

أمّا والحال كما نعرف ونعاين ونعاني، فإن «الشغل» لإعادة وضع الأمور في نصابها لا يبدو مبشّراً بخواتيم سعيدة.

 

والأيام التسعة الآتية سيتخللها ماراتون ثلاثي يتقدم فيه أحد المشاركين الثلاثة على حساب الاثنين الآخَرَين: أما المشارِك المتقدم، وبامتياز، فهو الدولار الأميركي الذي يتقدم بخطوات وقفزات هائلة، فيسجّل كلّ يوم ارتفاعاً جنونياً على حساب الليرة الكسيحة التي تواصل انهيارها بما يزيد من عجز الناس عن القيام بأوَد الحياة وأدنى أدنى متطلباتها.

 

المشارك الثاني في المارتون هو تسوية وضع الحكومة كي لا نصل إلى ما بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية لنكتشف أننا دخلنا في محظور دستوري كبير بالغ الخطورة فيقع لبنان في «بلوكاج» مروّع، وهو المكربَج أساساً. وبينما يتداخل النكَد السياسي بالأحقاد الشخصية والضغائن والكراهية (وطبعاً المصالح الذاتية وما أكثرها)، تسقط محاولات مدّ مساعي التشكيل بـ «المقويات»، بالرغم من التسريبات المتناقضة في هذا السياق.

 

وأما المشارِك الثالث، فغارق في فصول مسرحية جلسات انتخاب الرئيس التي لا يُعرَف فيها مَن يكذب على من، وأيُّهم يبلف أيَّهم، ومَن يتذاكى على مَن… فالجميع، في النتيجة، يكذبون على لبنان، ويضحكون على اللبنانيين ويبلفونهم…

 

ولكن، من أسفٍ شديد، أن الوقت يضيق، بل هو على مشارف نهاية ستكون مأسوية، تصيب أضرارها أولاً بأول اللبناني المغلوب على أمره، المدفوع قسراً، ومن دون أي وجه حق، إلى الإذلال والقهر والجوع وفقدان جنى عمره… ولكن الضرر سيصيب كذلك، حتماً، المتسببين به، خصوصاً إذا جاء الانفلات على حصان أسود…

 

عندئذٍ سيكون البكاء وصريف الأسنان. و «لات ساعة مَنْدَمِ».