كُتِبَ على اللبنانيين أن يمضوا أيامهم أمام العدّادات خلافاً لسائر شعوب العالم. فبعد عداد الكورونا (كوفيد 19) دهمتهم باكتيريا الكوليرا وعدادها اليومي يسجل ارتفاعات في إصابات باتت على أبواب أن تتحول إلى الجائحة. وبعد عداد المولدات دهمهم عداد تقنين السحب، بالليرة اللبنانية، إلى أدنى الحدود الدنيا من ودائعهم بالدولار بما لا يتجاوز الـ15 في المئة من القيمة الفعلية للمبلغ التافه، أساساً، المسموح لهم الحصول عليه، وعداد الارتفاع الجنوني للورقة الخضراء على حساب العملة الوطنية رَكّب عداد أسعار السلع الغذائية أجنحةً يحلّق بها صعوداً مضطرداً في الارتفاع (…) إلى ما هنالك من العدادات التي تطول لائحتها بما يتجاوز قدرة كاهل المستهلك عن حمله.
واليوم يقتحم حياة اللبنانيين عداد جديد ثقيل الوطأة هو عداد أيام تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية بالتوازي مع عداد التكليف من دون تأليف، الذي سيواكب الشغور الرئاسي حكماً، كونه لا يوجد رئيس للبلاد يُصدر المراسيم…
إنه زمن عدادت الشؤم، في هذا الليل شديد الظلام الذي يُطبِق على لبنان، وليس في الأفق ما يؤشر (مجرّد إشارة) إلى أنه سينجلي عن صباح بهيج.
تلك هي الصورة القاتمة التي ترتسم قي الأفق المسدود، حتى ليصح فينا أننا أمام قدر ظالم يتربص بنا كيفما أدرنا وجهنا، وفي كل مسألة تواجهنا…
فهل هذا قدرنا فعلاً؟!. ولماذا نحن، وحدنا، بين بلدان العالم والشعوب؟!.
في تقديرنا أنه ليس قضاءً ولا قدراً من لدنه تعالى، إن هو إلّا سوء قيادة وضحالة قياديين، وسوء مسؤولية وفساد مسؤولين، وتقصير الناس في إدراك وفهم دورهم الكبير الذي ذاب في دهاليز الاستزلام والتطيّف والتمذهب و… البلادة.
وأيضاً هو نتيجة النصوص حمّالة الأوجه.
وبالأخص هو وليد تسييس القضاء، وغياب القضاة الأبطال، الذين يقلبون الطاولة، ليس بالعصا وهم لا يملكونها، إنما بالأحكام الصارمة يصدرونها في حق المرتكبين والمتجاوزين واللصوص وناهبي لقمة الناس ورغد العيش، وسائر أقوام بني فساد.