هل نقول لهم: إن كل شيء على ما يرام يا سيدتي المركيزة، فيما هم يذلّون كل يوم أمام المصارف حيث احتجزت ودائعهم، وأمام محطات المحروقات التي أصبحت أسعارها رهينة دولار يلتهب في السوق السوداء، وفي السوبرماركت التي تستنزف مدخراتهم فيما سلتهم الغذائية تضمر يوماً بعد يوم وساعة إثر ساعة، أو على أبواب المستشفيات في ظل ارتفاع الفاتورة الصحية وعجز الصناديق الضامنة. حتى فاتورة دفن موتاهم لم تعد في متناولهم.
نقول لهم بصريح العبارة، إنكم لستم مفلسين، لكن السياسة المالية المتّبعة في العقود الأخيرة هي التي سَطت على أموالكم وقضت على ودائعكم، بعدما أغرتكم، واستدرجتكم للوثوق بها، فوقعتم في شراكها، وابتلعتم الطعم وعلقتم في الصنارة، واصبحتم على قارعة الفقر تستعطون حقكم، ولا مجيب. والمحصلة كانت: إفراغ الوطن من طاقاته الشابة، الواعدة، المبدعة، وقد أهديناها مجاناً إلى بلدان تعرف كيف تفيد من مواهبها، بعدما أمسى لبنان في شيخوخة مبكرة.
ايها اللبنانيون:
لا جدوى من الصراخ، لأن لا حياة ولا حياء لمن تنادون، وأصبحت حالكم مع مُسببي الكارثة كحال ناطح الصخرة. وإنّا نجدد الصرخة والتحذير لمن هم في سدة المسؤولية: راهنتم كثيراً على خدر الشعب، لكن لا تراهنوا طويلاً، لأنه سيأتي يوم ويزول فيه الخدر، ولا يبقى إلا الزلزلة، فاحذروها، وأعذر من أنذر.
إن الوضع لن يستقيم والثقة لن تستعاد اذا لم تسارع الكتل النيابية إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اليوم قبل الغد، يكون نتاج توافق وطني وسياسي عريض، ليستطيع أن يجمع اللبنانيين تحت مظلة الشرعية الوطنية، ودولة القانون والمؤسسات، وهي وحدها القادرة على فَرض الانتظام العام، واستعادة هيبة القضاء الذي يعمّه في انقساماته، واسترداد أموال الناس المنهوبة، والودائع المهربة، واعتماد التدقيق الجنائي وقواعد الشفافية في معرفة أصول هذه الأموال ومصادرها، واجتثاث الفساد من جذوره، ووضع خطة تَعاف إقتصادي ونقدي، للنهوض بهذا البلد الذي لا يشكو من الافلاس، بل من النهب المنظّم الذي لا يزال متواصلاً على عينك يا مواطن.