Site icon IMLebanon

جمود هناك و»بلوكاج» هنا

 

لم يكن ينقص المشهد اللبناني المأزوم في ألوانه كلها إلّا بيان نواب حاكم مصرف لبنان الذي جاءت ردود الفعل عليه متباينة وإن كانت بالغة السلبية لدى القيادات المسيحية البارزة… وبعيداً عما إذا كان هذا البيان الاستثنائي عفوياً وتلقائياً كما أفاد موقّعوه، أو بوحي من المرجعيات السياسية كما قال منتقدوه، فمن الضروري الإقرار بأن الأزمة المالية والنقدية، المتوقّع انفلاتها من أي عقال بعد انتهاء ولاية الحاكم رياض سلامة في نهاية شهر تموز الجاري، يجب أن تضع القيادات الحزبية والسياسية أمام حتمية «اختراع» حلٍّ ما ، تداركاً لما سيقع فيه لبنان ابتداءً من مطلع شهر آب المقبل. وبالتالي لا يجوز الاكتفاء بالتحذير من خطورة الشغور المتفاقم في قمة الهرم والمنتظَر تسجيله في المجلس العسكري.

 

نقول هذا ونحن ندرك، بأسف كبير، أن الطاقم السياسي يتصرف إزاء التدهور المخيف في شتّى مقوّمات البلد وكأنه حاصل في بلد آخر غير لبنان المنكوب بقيادييه ومسؤوليه.

 

ويتوافق هذا المأزق الجديد الذي أطل برأسه، أخيراً، مع ما جرى تداوله، أمس بالذات، حول عدم استعجال عودة الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لو دريان الى لبنان، التي كانت متوقعة في الرابع عشر من الجاري. ثم قيل لا بل في السابع عشر منه، ومن ثَمّ قيل إن الموعد في الأسبوع الممتد بين السابع عشر والثالث والعشرين من تموز، قبل أن يرشح، أمس، أن لا موعدَ محدَّداً. علماً أن عودته ممكنة في أي وقت.

 

وفي السياق ذاته لم يُعقد لقاء الدول الخمسة «المنتَدَبة» على لبنان لحل أزمته الرئاسية، الذي كان مرتقَباً في الأسبوع الأول من هذا الشهر، ولا حُدِّد موعد جديد. صحيح أن الدول الخمس منشغلة بهموم بعضها ومشكلات بعضها الآخر وأزمات بعضها الثالث، إلّا أن السبب الوجيه لهذا التأخير (إضافة الى ما تقدّم) يعود الى اقتناع لدى العواصم الخمس بأن أي تقدّم لم يُسَجّل في مسار الاستحقاق الرئاسي، وأن الجانب الفرنسي تحديداّ (الذي لم يتراجع عن مبادرته حتى الآن) بات على يقين بأن الفريق الذي يدعم ترشح الوزير سليمان فرنجية لم ينجح، حتى إشعار آخر، في إقناع أي طرف فاعل، من معارضي انتخاب رئيس تيار المردة رئيساً للجمهورية، بأن يبدِّل من موقفه. وفي هذا السياق نَسَبَ ديبلوماسي أوروبي عريق خبير في الشؤون اللبنانية الى مسؤول في الخلية الفرنسية المكلّفة متابعة مبادرة الرئيس ايمانويل ماكرون أنه قال للبنانيين الذين دعوا الى مزيد من الانتظار أسوة بما حدث قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً: «يومذاك نجح «الجنرال»، بمبادرته الشخصية، في الاتفاق مع رئيس حزب القوات سمير جعجع وفي إقناع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، ورئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، أما اليوم فلا شيء من هذا».