IMLebanon

لا خلاص من خارج الحدود

 

لا يعلم اللبنانيون المصير الذي ينتظرهم في الفترة المقبلة، فهم يعيشون في حاضر سيئ ومستقبلٍ مجهولٍ وليس هناك من قدرةٍ على توقع تحسّن الأحوال باعتبار أنّ كل المؤشرات تدل على أننا إمّا سنبقى على ما نحن عليه أو سنتجه إلى الأسوأ.

 

ليس هناك ما يدل على أنّ من يستطيع زج لبنان في الحرب قد تخلى عن هذا التوجه، وفي يده حجم هذه الحرب وتوقيتها ورقعتها الجغرافية وهو لا يقيم وزناً ولا يأخذ في عين الإعتبار ما ترغب به أغلبية الشعب اللبناني، معتبراً أنّ الشعارات والعناوين الكبيرة تسمح بتغطية حال القلق التي يعيشها اللبنانيون، كما أنّ الانتصارات والتعويضات الموعودة تثلج القلوب الخائفة وتغني عما تدمر وقتل.

 

ليس هناك ما يدل على أنّ السلطة الموجودة حالياً ستتمكن من أن تفرض نفسها وأن تمتلك قرار الحرب والسلم، وأن تكون هي المسؤولة الفعلية عن مصير الوطن وأبنائه، بل يبدو أنّ هذه السلطة لا تريد سوى أن يبقى أصحابها في مناصبهم يمارسون أدواراً هامشيةً أو ثانويةً أغلبها يأتي في سياق تغطية ما يفعله أصحاب السلطة الحقيقيون في البلد.

 

ليس هناك ما يدل على أنّ عملية تشكيل سلطةٍ جديدةٍ وفاعلةٍ ستأخذ طريقها نحو التنفيذ، فانتخاب رئيسٍ للجمهورية معلق بانتظار الإفراج عنه، ولن يتم ذلك من دون أن يتقاضى من يحتجزون الرهينة ثمناً كبيراً جداً ربما يكون الرئيس نفسه أو حتى الرئيس والحكومة ولا يتركون لباقي الأطراف التي تختلف معهم سوى رفع الصوت من دون طائل.

 

إنّ أخطر ما يمر به لبنان حالياً هو أنّ من أوصلوا الوضع إلى ما هو عليه على مختلف الصعد، لا يشعرون بأي أزمةٍ أو كارثةٍ أو مأساةٍ بل يعتبرون أنّ ما حصل ويحصل هو أمر طبيعي ويستغربون كيف أنّ جزءاً كبيراً من اللبنانيين لم يعتادوا عليه بعد، فبالنسبة لهؤلاء حال الحرب هي الطبيعية، وحال الفوضى هي المطلوبة، وحال الصراع هي الحافز على الإستنفار الدائم.

 

إنّ استمرار لبنان في هذه الدوامة لن يجعل منه أبداً ورقةً يحسب لها الحساب في نمو وتقدم واستقرار المنطقة، فهو في المقابل يحسب كورقةٍ من أوراق التوتر وعدم الإستقرار وكحالةٍ يستحيل علاجها ولذلك وجب العمل على حصر أضرارها داخل الحدود، وهذا ما جرى ويجري العمل عليه حالياً من قبل المجتمعين العربي والدولي ولن نخرج من هذا الواقع المؤلم طالما بقي لبنانيون يواجهون بطريقة تقليدية وينتظرون خلاصاً من خارج الحدود لن يأتي أبداً.