IMLebanon

لبنان ُترك فرنسياً وأميركياً … ومن أهل بيته أيضاً 

 

 

اصبح لبنان وحيدا، متروكا من الخارج ومن الداخل. فاهل البيت من احزاب وتيارات وشخصيات مستقلة لا يقومون بادنى واجباتهم تجاه الشعب اللبناني وتجاه الوطن. المجلس النيابي لا ينعقد، ولا نية فعلية في انتخاب رئيس للجمهورية، في حين تستمر حكومة تصريف الاعمال بما يترتب عليها، ولكن الشلل المؤسساتي يعتري كل الوزارات وكل مرافق الدولة.

 

اليوم المشهد الخارجي تغير مع التطورات التي طرأت في فرنسا ودخولها في ازمة دستورية، بعد عدم تمكن حزب اليسار ولا حزب ماكرون ولا حزب اليمين من الحصول على الاكثرية النيابية، وبالتالي امر تشكيل الحكومة ورئيسها سيأخذ وقتا لا بأس به. وعليه لن تكون فرنسا متفرغة للوضع اللبناني، سواء على الصعيد الرئاسي اوعلى صعيد التهدئة في الجنوب اللبناني.

 

وبدورها، دخلت الولايات المتحدة الاميركية في مرحلة الانتخابات الرئاسية التي ستحصل في تشرين الثاني، ولكن رئيس الجمهورية المنتخب سيتسلم الحكم في كانون الاول. اضف الى ذلك هذه الانتخابات شهدت عنفا بعد محاولة اغتيال الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب والذي هو مرشح اليوم. هذا الامر يجعل واشنطن تنصب على معالجة الوضع الامني في جو من التأهب، لاحباط اي حدث قد يزعزع الاستقرار. في الوقت ذاته، لا يعني ان واشنطن ستهمل ما يحصل في غزة، بل ستظل راعية للحرب “الاسرائيلية” ومصلحة “اسرائيل” وامنها. اما عن الشأن اللبناني فلم يعد حاليا من ضمن اهتماماتها، وهذا يجعل المسائل العالقة في لبنان دون اي حل خارجي.

 

اما مصر وقطر والسعودية فلدى هذه الدول اهتمامات اخرى الآن، اذ ان قطر قامت بمبادرات عدة ولكنها لم تصل الى نتيجة، في حين ان مصر غارقة في مشاكلها، بينما السعودية لا تبدي حماسة للتعامل مع تشعبات الملف اللبناني.

 

من هنا وبعد تراجع الاهتمام الدولي والعربي في الشأن اللبناني نرى ان القوى التي تؤلف المجلس النيابي لا تبدي اي نية فعلية في الاستماع الى شجون الفريق الآخر، بل تغرق في صراع كبير في تحديد شخصية رئيس الجمهورية المنشود. والامر المضحك المبكي ان المعارضة والممانعة لم يتمكنا من ايصال مرشحهما، وبأيديهما دفنوا الخيار الثالث فاصبح انتخاب رئيس امرا من اصعب الاستحقاقات للاسف. اضف على ذلك اضحى الخطاب السياسي متوترا جدا وحادا، ويمكن وصفه بخطاب العنف السياسي الذي يزيد الشرخ بين القوى السياسية المتصارعة.

 

ولكن وبكل حزن يجري هذا الصراع الداخلي، في وقت يحتاج لبنان منذ الانهيار الاقتصادي والمالي الكبير الى اليوم، الى حلول لانقاذ الشعب اللبناني من هذه الازمة الخطيرة التي يعيشها، ناهيك عن نزيف الهجرة الى الخارج من كل الطوائف وتحديدا الطائفة المسيحية، التي تقول الاحصاءات ان المكون المسيحي في لبنان اصبح يشكل 20% من المجتمع اللبناني، بعدما كان يشكل اكثر من 42 %.

 

قصارى القول، فرغت البلاد من ناسها ومن ابنائها ومن عائلاتها ومن شبابها، ولا تزال القوى السياسية تخوض اشرس المعارك السياسية، غير آبهة بمصير المواطن اللبناني الذي يعيش جحيما اجتماعيا وماليا، اضافة الى استمرار لبنان دون رأس ودون اعادة انتاج سلطة تنطلق معها مرحلة جديدة ايجابية للوطن.