Site icon IMLebanon

لبنان في ميونيخ يقطع الطريق على التوطين “البلدية” وتفعيل الحكومة يعوضان الرئاسة

إذا كانت القراءات الاولية للرد الصارم للرئيس سعد الحريري على انسحاب الوزير أشرف ريفي من الجلسة الحكومية الخميس على خلفية ملف ميشال سماحة، ذهبت في اتجاهات تقويم الحالة الحريرية والوضع الداخلي لتيار “المستقبل”، فإن أوساطا سياسية قريبة من التيار الازرق وضعتها في خانة أخرى تركز على هدفين: الاول أن الكلمة الفصل في التيار كانت وستظل للحريري وأن غيابه عن الساحة المحلية لا يبرر لأي من أعضاء التيار التغريد خارج السرب المستقبلي، وهذا الحسم يبدو بالنسبة الى الاوساط، ضروريا ولو كان يعكس صورة يفضل المستقبليون عدم خروجها إلى العلن، خصوصا وأن التيار الذي تعرض دوما لإنتقادات حيال وجود تيارين داخله، كان يرد ذلك إلى التمايز في الآراء الذي لا يصل إلى حد الافتراق أو الخروج عن المظلة الحريرية.

اما الهدف الثاني فيتمثل برغبة الحريري أو الاصح قراره تجاوز أي عقبة تعيق تفعيل الحكومة أو تؤثر على الاستقرار الداخلي.

من هذا المنطلق، يستمر “المستقبل” في حواره الثنائي مع “حزب الله” رغم التباينات العميقة التي لا تزال تعترض سبيله، ورغم الجلسات العديدة التي عقدت، ولم تؤد إلى حصول تقدم ولو خطوة في اتجاه الملفات الشائكة. جل التقدم المحقق كمن في الحفاظ على شعرة التواصل والتوافق على تحصين الاستقرار الداخلي وتنفيس الاحتقان ومنع الفتنة.

ومن هذا المنطلق أيضا، يذهب “المستقبل” إلى الانتخابات البلدية، في محاولة لكسر حال المراوحة التي تغرق فيها البلاد، وتعطل أي مبادرات من شأنها أن تحرك شيئا في المياه الراكدة.

وفي رأي مراجع سياسية، أن ثمة حاجة ملحة الى مختلف القوى لخوض الانتخابات البلدية، لأن أيا من هذه القوى لا يحتمل أمام قواعده الشعبية تمديدا جديدا، كما أن إجراء هذه الانتخابات من شأنه تحويل الأنظار عن الانتخابات النيابية التي تشكل الاختبار الحقيقي لموازين القوى. وهو اختبار لا يبدو توقيته ملائما قبل أن تتضح معالم المنطقة وكفة الربح أو الخسارة.

ويبدو من الحركة المتواصلة لوزير الداخلية، وآخرها في اتجاه الرابية أمس، أن قرار إجراء الانتخابات البلدية قد حسم وقد وافق عليه كل الأطراف. وعلى رغم المخاطر التي تتهدد “تيار المستقبل” في منطقة الشمال، بعد تفاهم الرئيس نجيب ميقاتي مع الوزير السابق فيصل كرامي على خوض الانتخابات معا، أو بعد تمايز الوزير أشرف ريفي والنائب خالد الضاهر عن التيار، فإن التيار الازرق لن يتراجع عن فرصة تحقيق إنجاز في هذا المجال.

أما على مستوى القوى الاخرى، فقد أعلنت قيادتا “حزب الله” و”أمل” قبل أيام الاتفاق على خوضها معا، وأنجزتا تفاهما على إعادة إنتاج نتائج الانتخابات البلدية الاخيرة، بحيث يبقى توزع الحصص وفقا لتلك النتائج. وعلى المقلب المسيحي، تشير مصادر حزب “القوات” و”التيار الوطني الحر” الى أن الفريقين سيتحالفان معا بما يؤمن لهما فرصة كبيرة للإمساك بغالبية المجالس البلدية في المناطق المسيحية.

وفي الموازاة، تبرز الحاجة ملحة أيضا لدى كل القوى السياسية الى إنعاش الحكومة ومدها بالاوكسيجين السياسي الذي يوفر لها الغطاء للإنتاج، خصوصا بعد تفاقم الكثير من الملفات التي لم يعد في الامكان السكوت عنها.

وفي الأمرين، تثبيت لكل المؤشرات والمعطيات التي تشي بأن طريق الاستحقاق الرئاسي لا يزال طويلا وشاقاً، وان ارتباطه الوثيق بالمعطى الاقليمي يؤكد هذه الثابتة، بما أن الحل في المنطقة لا يزال طويلا أيضا.

وإذا كان رئيس الحكومة قد تجرع أخيرا جرعة دعم دولية جديدة، إن من مؤتمر لندن لـ”دعم سوريا والجوار” أو في مؤتمر ميونيخ أمس، فإن هذه المنصة الدولية سمحت لوزير الخارجية جبران باسيل بأن يؤكد موقف لبنان من الهواجس السائدة لدى اللبنانيين لجهة خشيتهم من توطين السوريين، عندما استبدل عبارة “العودة الطوعية للاجئين” الواردة في اجتماعات “المجموعة الدولية لدعم سوريا”، بعبارة “العودة الآمنة للاجئين لإعادة إعمار سوريا”، الامر الذي يرد على هذه الهواجس من خلال قطع الطريق على أي محاولة دولية مبطنة أو مغلفة بالمساعدات المالية والهبات من أجل إبقاء خيار اللجوء أو العودة طوعيا للاجئين.