ان الاستماع الى تصاريح السياسيين القياديين من مختلف الفئات والاطراف يشعر بان البلد يسير نحو التبخر بصفاته التي سمحت للبنانيين بتحمل مساوئ فريق ابو عمار وتسلط الفلسطينيين على الحياة السياسية في وقت نعم فيه لبنان بقيادة رجل حكيم المرحوم الياس سركيس، وكان للرئيس سركيس افضال على لبنان ينسى منها اللبنانيون انه كان الرئيس الوحيد بين الرؤساء الذين تعاقبوا على قيادة البلد الذي اورث البلد قيمة مليوني اونصة ابتاعها لحساب مصرف لبنان واللبنانيين حينما كان سعر الاونصة المتوافرة من الولايات المتحدة 35 دولارًا عام 1971 عندما اختار الرئيس الاميركي نيكسون التخلي عن تامين الاونصات بالسعر المذكور لاي بلد يتمتع بفائض على حساباته الخارجية، كما كان لبنان آنذاك وكان الانتشار المسلح الفلسطيني محدودًا.
لقد انجزت كتابًا يعالج السياسات اللا مسؤولة التي اسهمت في دفع لبنان الى حافة الانهيار الاقتصادي واهم خطرين يحدقان بلبنان واهله، اقبال الشباب على الهجرة سعيًا للعمل والحياة في بلدان مستقرة سواء في الخليج او اوروبا الغربية، ومنذ زمن قريب أستراليا وكندا البلدين المتمتعتان بحكم قانوني وانساني وموارد طبيعية كافية لاستيعاب 200 مليون في كل من البلدين دون مشقة، ولا زالت بعض البلدان الافريقية تحتاج لاصحاب الكفاءات من الاطباء والمهندسين والاساتذة والقانونيين، وقد تحققت هجرة لاصحاب هذه الكفاءات الى الخليج العربي خاصة في السنتين المنصرمتين.
الخطر الثاني الذي يهدد الحريات والنجاح هو هجرة السوريين بكثافة الى لبنان، وهذه الهجرة وان كانت تؤمن قدرات انتاجية خاصة في مجالات الزراعة والصناعة تبقى هجرة مؤقتة لبضع سنوات تلجأ بعد انقضائها الى هجرة عائلات سورية مقتدرة علميًا وصحيًا على التوجه الى بلدان الاغتراب في الخليج وفي اوستراليا وكندا، ويبقى ان رصيد الهجرة السورية او التهجير الممنهج للحكم السوري سيؤدي الى تعاظم التأثير السياسي على لبنان وسياساته الانتاجية التي جعلت من لبنان البلد المقصود سياحيًا واستثماريًا لسنوات عديدة كان ينعم فيها بحكم رؤساء على قياس الرئيس فؤاد شهاب، والرئيس الساحر كميل شمعون، والرئيس المحافظ على البلد، وعملته والمساهم في اغنائه بغالبية الاحتياطي الذهبي المتوافر.
مقابل ما حدث ولا زال يحدث نرى هنالك حكومة دون جناحين للتحليق. فالرئيس ميقاتي وان تولج رئاسة الوزراء لثلاث فترات لم يترك مشاريع انمائية متطورة على مساحة الوطن، ولا يبدو انه يفكر سوى بالاستمرار في الوضع الحالي دون اسهام في تامين مقدار من التوافق قد يسهم في دفع البلد وظروفه باتجاه ظروف افضل، ونقول عند هذا المفصل في مقالنا ان مجالات الانجاز متوافرة اذا تخلينا عن التفكير بفوائد الطوائف
وركزنا على المشاريع البالغة الاهمية والتي تؤدي الى تحسن البيئة الاستثمارية واستعادة لبنان لصورة البلد الذي يستقطب المستثمرين والزوار، ونحن نؤكد على حكومة ميقاتي ان تبني قانون صارم لانتقال الاموال من والى لبنان يلغي اي اهمية استثمارية وطليعية في لبنان.
الحكم الحالي في غيبوبة والتحكم في زاوية المراقبة.
نعم لبنان قادر اذا تمتع بحكم شجاع وحماسة لدى غالبية مواطنيه على الانجاز من جديد واستقطاب الكفاءات والاستثمارات. فلبنان اذا ركز على الهجرة يفقد اي قدرة على النمو، ولبنان اذا استقبل 3 ملايين سوري غالبيتهم من السنة، وفي حال استمرار الحكم السوري، سيعاني من نفس التسلط والانقسامات الداخلية.
المطلوب من اللبنانيين ان يبادروا الى انجاز المشاريع التالية في اقرب وقت.
1- الغاء وزارة الطاقة والاستعاضة عنها بعقود مع شركات ملتزمة استهدافات توفير الطاقة من الشمس والهواء.
2- البدء بتشغيل مطار رينه معوض، وكما بالنسبة لشؤون الطاقة، طالبنا بتنفيذ هذه الخطوة في تخفيف اكلاف السفر وتحركات المسافرين حيث يكون هنالك مطارين وليس مطار واحد وحيث تتوافر خدمات للمسافرين السوريين من اهالي المناطق الاقرب لطرابلس منها لدمشق.
3- تخصيص خدمات الاتصالات على كل صعيد، والتوجه نحو تخصيص حقيقي لهذه الخدمات التي كانت اكلافها باهظة قبل الزيادات الاخيرة والتي جعلت اكلاف الاتصالات مرتفعة الى حد يدفع باي مستثمر اساسي الابتعاد عن لبنان.
ويمكن تحصيل عوائد من تخصيص خدمات الكهرباء والمياه تتجاوز ال6 مليارات دولار، وهنالك خبيرين لبنانيين اسهما في مساعي من هذا النوع وهما النائب الحالي ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني الذي ساهم في تخصيص شبكة هواتف خليوية في تركيا كانت مملوكة لطرف سعودي، والدكتور محسن الخليل المهندس والاقتصادي وربما اللبناني الوحيد الذي اصبح منذ سنوات من اعضاء مجلس ادارة
مؤسسة تابعة للبنك الدولي مهمتها الاسهام في انشاء وادارة مؤسسات تماثل ما هو مطلوب في لبنان.
4- تلزيم انجاز حائط حماية في مرفأ طرابلس الذي يستطيع استقبال سفن الحاويات الضخمة ويؤمن في الوقت ذاته خدمات لمستوردين او مصدرين سوريين لان المرافئ السورية لا تتمتع بالعمق الكافي، ومن المؤكد ان للصين اهتمام في تطوير خدمات مرفأ طرابلس وربما تطوير المنطقة المتاخمة بعد تنظيفها كما فعلت شركة سوليدير في المنطقة المتاخمة للبحر بعد اعتلائها بالنفايات في وجه بيروت.
5- بعد تطوير خدمات الريجي بقيادة ادارتها الحالية السعي لاستقطاب شركة انتاج وتسويق للسجائر مثل شركة مالبورو للاسهام في الريجي بنسبة 40% بعد تحويل ملكيتها لاسهم تحتفظ منها بنسبة 60% الحكومة اللبنانية التي تحافظ على هيكلية ادارتها الناجحة.
6- استقطاب بنك قطر الوطني الذي اصبح اكبر بنك عربي، خاصة وان قطر اختارت المساهمة في دعم حاجات لبنان بعد انفجار المرفأ صيف 2020 وهنالك عدد من المصارف القابلة للإحياء والانصراف الى العمل المصرفي الصحيح، ويجب القول ان الخطوات المعلن عنها من قبل الحاكم بالوكالة لا تطال النشاط الاقتصادي بل تقزمه وهذا اسوأ خيار. ويجب ان يدرك من يكلفون بعملية اصلاح القطاع المصرفي ان هنالك موجودات لم تمس في فروع للمصارف اللبنانية في الخارج، علمًا بان عدد هذه البنوك في قبرص انحسر الى حد بعيد، وعلى من يتولجون معالجة كيفية انعاش القطاع المصرفي ان يدركوا ايضا ان لدى شركة ضمان الودائع حوالى 5 مليارات دولار نتجت عن اشتراكات لبنوك في رسملة هذه المؤسسة التي افترض انها تضمن ما يوازي 50 الف دولار من الودائع لكل مودع.
يبقى الكثير لم نتحدث عنه واهم هذا الكثير انجاز انتخاب الرئيس، وكلمة اخيرة في كتابنا الصادر حديثًا ادرجنا صورة تلامذة مدرسة الشويفات عام 1889 وكانوا مختلطين، اناثًا وذكورًا وعنونا الصورة بالتأكيد This Was Lebanon، هكذا كان لبنان.