عون«يُوسّط» موسكو قبيل لقاء لافروف ــ بومبيو ودعم مشروط في «لقاء» باريس
أزمة «ثقة» مع «بيت الوسط»… وجمود بانتظار «أجوبة» واضحة من الحريري
بعد ساعات على غرق البلاد في «مستنقع» الابتزاز السياسي «والمناورات» التي «احرقت» «اوراق» سمير الخطيب من «باب» دار الفتوى، تعرض اللبنانيون لاذلال جديد بعدما غرقت الدولة «بشبر ماء» وتحولت الطرقات والمنازل والمحلات الى برك وانهار جرفت كل ما وقف في طريقها في فضيحة جديدة تكشف حجم اهمال وفساد حكومات متعاقبة انفقت وسرقت مليارات الدولارات على بنى تحتية تعجز كل عام عن استيعاب الامطار مع بداية فصل الشتاء… وفيما ينتظر لبنان دعما دوليا «مشروطا» في باريس غدا، يعول رئيس الجمهورية ميشال عون على دور روسي فاعل في محاولة لتخفيف الضغوط الاميركية على لبنان…
في هذا الوقت لا جديد حكوميا بعدما «ظلل» الاخراج المذهبي «الصادم» لاسقاط الخطيب، واعادة تعويم رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري المشهد السياسي على وقع ارتفاع حدة التوتر في طرابلس مساء بعد مواجهات حصلت امام منزل النائب فيصل كرامي، اثر قيام محتجين على رمي النفايات امام منازل السياسيين في المدينة، وفيما انطلقت المشاورات على جبهة «الثنائي الشيعي» – بعبدا لاستشراف طبيعة التعامل مع المرحلة الفاصلة عن موعد الاستشارات يوم الاثنين المقبل، ما تزال «المحركات» متوقفة على «خط» «بيت الوسط» في ظل ازمة ثقة كبيرة وبانتظار صدور اشارة واضحة من الحريري حيال عودته رسميا الى «حلبة» الترشيح باعتبار ان الطرف الاخر لم يتبلغ بعد عودته عن عزوفه، وهذا يعني ان لا مرشح حاليا لرئاسة الحكومة، وذلك على الرغم من الاعلان المكتوب الصادر عن دار الفتوى، وينتظر رئيس مجلس النواب نبيه بري من رئيس الحكومة المستقيل «اشارات» واضحة بهذا الخصوص للقيام بالتحرك المناسب «المشروط» هذه المرة بالموافقة على «لبن العصفور» الذي سبق وقدمه قبل عشرة ايام، والا ستكون «الحركة» بلا «بركة» خصوصا اذا ما استمر الحريري على شروطه السابقة التي لن تفضي الى اي «تسوية»… وحتى الان ثمة اسئلة بحاجة الى اجوبة ومنها هل يلتزم الحريري بثوابت التشكيلة الحكومية التي اتفق على تنفيذها الخطيب؟ وهل يقتنع الحريري بحكومة تكنوقراط مطعمة بسياسيين «غير استفزازيين»؟ وهل يقبل وزير الخارجية جبران باسيل بالخروج من الحكومة بعد اشتراط الخروج المتزامن مع الحريري… ووفقا لهذه المعطيات فان السيناريو المطروح يتمحور حول الانتقال يوم الاثنين المقبل من ازمة التكليف الى ازمة تأليف من خلال تسمية الحريري، طبعا دون اصوات حزب الله وبعض الحلفاء، وهو لن ينجح بالتأليف وسيضطر الى «تعويم» حكومة تصريف الاعمال…
مسرحية سيئة «الاخراج»…
وفي هذا السياق، لا يرى حزب الله بحسب مصادر مقربة منه ان ما حصل «خديعة» بل «مسرحية» سيئة الاخراج، لان ترشيح الخطيب لم ينطل على احد منذ اللحظة الاولى لاعلان الحريري موافقته عليه، وكان الكل يعرف ان سبب تأخر «حرقه» يعود الى الزخم الذي اعطاه اياه المدير العم للامن العام اللواء عباس ابراهيم، لكن كل المعطيات كان تشير الى ان الخطيب سيكلف ولكنه لن يؤلف، لكن ثمة قطبة مخفية سرعت عملية اخراجه من «السباق» عشية الاستشارات… وهذا السيناريو اشار اليه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي اشار الى ان الحزب لم يظن للحظة أن الأمور ستسير بشكل جيد وأن سمير الخطيب هو سيتكلف وهو سيشكل حكومة، وقال «بأحسن الحالات كانوا سيسمحون له أن يتكلف ثم يتعذر التأليف فيعتذر فيأتي الحريري، واشار الى اننا الآن أمام معطيات جديدة، نريد أن نرى الشيخ سعد ماذا يريد؟ مشددا على ان الحزب لن يقبل بشروط تمس بسيادة البلد، وشروط تجعل لبنان تابعا لدولة خارجية بسياستها مؤكدا الاستعداد لتقديم تنازلات لكن ليس على حساب الكرامة والسيادة الوطنية… وفي هذا السياق، تؤكد تلك الاوساط ان «الغطاء» المذهبي الذي حصل عليه الحريري علنا لا يغير من «قواعد اللعبة»، ولم يكن احد اصلا يشكك في تمثيله للغالبية السنية، وكان الحزب يصر على حضور «الاصيل» لا «الوكيل» على رأس الحكومة، لكن هذا لا يمنحه القدرة على فرض شروطه على الاخرين، ولا يمكنه ان يستخدم «الشارع» المنتفض للضغط وتحصيل مكاسب سياسية لا يستحقها للانقلاب على نتائج الانتخابات النيابية… واذا كان حزب الله لا يريد «كسر» احد في الداخل، فلن يسمح ايضا لاحد «بكسره»…
محاولات «التذاكي» لا تفيد…
وفيما، دعت كتلة التنمية والتحرير إلى التركيز على معالجة الاوضاع المعيشية والامنية والصحية والمالية والمصرفية. وشددت بعد اجتماعها الأسبوعي برئاسة بري، على ضرورة الاسراع في تأليف الحكومة، داعيةً إلى ملاقاة الاجواء الايجابية الدولية للاستعداد للمساعدة، اشارت اوساط «الثنائي الشيعي» الى ان محاولات «التذاكي» في هذه المرحلة لا تفيد احد، واي محاولة لادخال لبنان في «صراع المحاور» لن يوصل الى اي نتيجة، والكلام عن ابعاد حزب الله عن الحكومة لتحقيق مصالح البلاد، لا يمكن صرفه، مرجحة اعادة «تعويم» حكومة تصريف الاعمال اذا ما استمرت المواقف على تعنتها والتي لن تؤدي الا الى مزيد من «اهدار» الوقت فيما يستمر تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد. . واذا كان ثمة من يظن ان التيار الوطني الحر «والثنائي الشيعي»، سيسارعون الى اعلان دعمهم للحريري، وبشروطه، فهذا مجرد «وهم» لن يحصل…
المزيد من «المناورات»؟
اما مصادر التيار الوطني الحر فتشير الى ان ما حصل فضح «مناورات» رئيس الحكومة المستقيل الذي يواصل منذ استقالته تمييع الوقت بانتظار تبدلات في المواقف الدولية، وحتى الآن لا جديد على مستوى الاتصالات، لكن ثمة امراً جديداً دخل على المشهد السياسي تمثل في حسم دار الفتوى هوية الرئيس الذي تريد ان يجري تكليفه، والسؤال المطروح يبقى برسم كل المزايدين على موقف الرئيس عون من الاستشارات، اليس ما حصل ضرب للاصول الدستورية في «عرض الحائط»؟ والا يتعارض ذلك مع اتفاق الطائف؟
الحريري «يواكب» ولا ينفذ «الاملاءات»..؟!
من جهتها، تتحدث مصادر تيار «المستقبل» عن وجود «خلط» مقصود بين اتهام رئيس الحكومة سعد الحريري بتنفيذ اجندات خارجية وبين «واقعية» سياسية يتعامل من خلالها لانقاذ البلد من الانهيار الاقتصادي عبر حكومة تستطيع مواكبة الاجواء الدولية الضاغطة… وبحسب تلك الاوساط لم يحدد رئيس الحكومة المستقيل بعد خياراته بعد تأجيل الاستشارات النيابية وهذا ما دفعه الى تأييد تأجيلها الى الاثنين المقبل بعدما سئل عما اذا كان قد حسم موقفه، فكانت اجابته ان شيئا لم يتغير… وهذا يعني حكما انه لا يزال على موقفه في تشكيل حكومة من الاختصاصيين لا يكون فيها وجود مباشر للاحزاب السياسية وفي مقدمتها حزب الله الذي يشكل وجوده «اشارة» «سلبية» للمجتمع الدولي، والحريري في هذا السياق لا يمكن اتهامه بانه ينفذ اوامر او شروطاً اميركية، وانما يحاول «تدوير الزوايا» لانتاج حكومة قادرة على اقناع المجتمع الدولي بمساعدتها على النهوض الاقتصادي، بعيدا عن كل ما يحكى عن «استهداف» لسلاح حزب الله غير الموضوع على «الطاولة» وهو ليس من اولويات اي حكومة جديدة، ولهذا فان محاولات خلق ذعر في هذا السياق امر غير «واقعي»…
هل يحضر لبنان في واشنطن؟
في هذا الوقت، ثمة تعويل رسمي لبناني على لقاء وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف ونظيره الاميركي مايك بومبيو في واشنطن اليوم، ووفقا لمصادر مطلعة طلب رئيس الجمهورية ميشال عون مستشاره للشؤون الروسية امل ابو زيد التواصل مع المسؤولين الروس لوضع لبنان على جدول اعمال هذا اللقاء الحاسم لاكثر من ملف في المنطقة، وذلك لوجود قناعة راسخة عن الرئيس عون بأن جزءا كبيرا مما يحصل على الساحة اللبنانية وخصوصا الجزء المرتبط بالضغوط الاقتصادية «والتعثر» السياسي يعود لاسباب خارجية، وقد اجرى ابو زيد مروحة من الاتصالات شملت مساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وعرض معه تعقيدات الاوضاع في لبنان مستعرضا ما يمكن لموسكو القيام به للمساعدة في حل الازمة… وكانت الخارجية الاميركية قد اعلنت ان بومبيو، سيستقبل نظيره الروسي اليوم لمناقشة «مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والثنائية»…
دعم «معنوي» مشروط في باريس..
وفي سياق متصل، وعشية اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس، توقعت مصادر دبلوماسية ان يعقب الاجتماع زيارة لمدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية كريستوف فارنو لاستكمال النقاشات مع المسؤولين اللبنانيين، ووفقا لتلك الاوساط فان هذا الاجتماع طابعه «معنوي» وتحضيري، ولن تكون هناك اي مساعدات مجانية، فثمة شروط شكلية تتعلق بتشكيل حكومة جديدة توحي بالثقة للمجتمع الدولي ولا سيما للدول المانحة لضمان مصير المساعدات التي ستقدمها، وترضي الشعب في الوقت نفسه، حيث يصر الاميركيون على وجود وزراء اختصاصيين من اصحاب الخبرات والكفاءات، وهنا تكمن «القطبة المخفية» حيث تتعارض نظرة باريس مع وجهة نظر واشنطن ازاء تمثيل حزب الله في الحكومة، حيث لا يؤيد الفرنسيون هذا الشرط…
وقد اكدت وزارة الخارجية الفرنسية ان المؤتمر سيشهد دعوة المجتمع الدولي من أجل إقامة حكومة فاعلة وذات مصداقية في لبنان، لافتة الى ان الهدف من المؤتمر أن تتخذ الحكومة اللبنانية الجديدة القرارات الضرورية لتحسين الوضع الاقتصادي. وفي هذا السياق، ابدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال لقائه في قصر بعبدا المنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان يان كوبيش عن ارتياحه لانعقاد اجتماع باريس، شاكرا الاهتمام الذي ابدته فرنسا في المبادرة الى الدعوة بالتنسيق مع الامم المتحدة. وتجدر الاشارة الى ان الاجتماع سينعقد على مستوى الامناء العامين لوزارات الخارجية برئاسة مشتركة فرنسية عبر وزير الخارجية جان ايف لو دريان واممية عبر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وفي حضور الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي وسفير الجامعة في باريس بطرس عساكر وستشارك ايضا كل من المانيا وايطاليا، اضافة الى البنك الدولي ومؤسسات مالية عربية وغربية… اما وفد لبنان وفيما كان يفترض ان يرأسه مدير عام رئاسة الجمهورية انطوان شقير، فقد تحول وفاة والده جورج شقير امس دون ذلك. فيما يضم في عداده امين عام وزارة الخارجية هاني شميطلي، مدير عام وزارة المال الآن بيفاني، المديرة العامة لوزارة الاقتصاد عليا عباس، مستشارة الرئيس سعد الحريري هازار كركلا والمصرفي رجا أبو عسلي.
«توتر» في طرابلس…
في هذا الوقت شهدت طرابلس اضرابا عاما وقطع للطرقات، وتوترت الاجواء بعد ظهرامس عندما قام عدد من المحتجين بالتظاهر أمام منازل بعض السياسيين في طرابلس، ورددوا هتافات منددة بهم، وألقوا أكياس النفايات أمام مداخل منازلهم. فقد رموا النفايات أمام مدخل منزل الوزير السابق اشرف ريفي حيث حصل توتر بسيط بين المحتجين ومسؤولي الأمن في محيط المنزل. وتوجهوا بعد ذلك إلى منزل النائب فيصل كرامي، حيث وقع اشكال بين المحتجين وأمن كرامي خلال رميهم للنفايات أمام المنزل، ما استدعى تدخل القوى الأمنية لفض الإشكال…
«سيول» وتقاذف مسؤوليات…
في غضون ذلك، غرقت الطرقات بالسيول، وسط تقاذف للمسؤوليات بين وزارة الاشغال والبلديات والشركات الخاصة، وفيما عقد وزير الاشغال يوسف فنيانوس مؤتمرا صحافيا شرح خلاله الواقع المرير للوزارة في مواجهة الامطار الغزيرة موزعا المسؤوليات على جميع الاطراف، لم تسلم المرافق العامة من الفيضانات غرق مطار رفيق الحريري الدولي بالمياه خصوصا المدرج وقاعة وصول المسافرين، ومكاتب شركة طيران الشرق الأوسط في المطار. اما اكثر المناطق تضررا فكانت الاوزاعي حيث دخلت المياه الى المنازل والمتاجر، وخلدة ونفق الكوستا برافا الذي تحول مصيدة لسيارات المواطنين الذين تركوها واكملوا الطريق مشيا على الاقدام فيما استخدم آخرون قوارب للتنقل بعدما «حبسوا» في سياراتهم لأكثر من 5 ساعات…