IMLebanon

نجاح تجربة المولّدات تُحرج “الطاقة” وتُبطل مفعول “الحلّ الموقّت”

 

 

الهبة الألمانية تُجيّر لصالح “كهرباء لبنان” وصيانة معملَي الزهراني ودير عمار

 

قد تسند “بحصة” الهبة “الطاقوية” المقدّمة من المانيا إلى لبنان غداة انفجار المرفأ “خابية” الكهرباء. فالنقص الفاضح في الإنتاج والتغذية يجعل من كل “ميغاوات” يضاف على الشبكة محط تقدير وترحيب، فكيف إذا كان 80!

الضرر الكبير الذي أحدثه إنفجار المرفأ في محولات وخطوط نقل الكهرباء في شرق بيروت حفّز شركة “سيمنز”، التي رافقت وزير الخارجية الالماني في جولته، على مساعدة لبنان. فاقترحت تقديم هبة، بقيمة 45 مليون يورو، هي عبارة عن مولدين للطاقة بقوة 80 ميغاواطاً، يؤمنان التيار الكهربائي مجاناً لحوالى 65 الف نسمة. إلا ان العرض المقدم اقتصر على توفير المعدات ووصلها على الشبكة وتشغيلها من دون تأمين الفيول/الديزل، لتشغيل المولدات، “الامر الذي دفعنا إلى رفضه، نظراً لارتفاع كلفة الديزل وعجزنا عن تحملها في ظل هذه الظروف”، يقول وزير الطاقة في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر. “في المقابل تركز اهتمامنا على تحويل الهبة إلى ما يخدم ويساعد كل المواطنين من خلال مؤسسة كهرباء لبنان”.

 

صيانة المعامل بدل المولدات

 

بعد المفاوضات مع وزارة الطاقة جرى الاتفاق على استبدال المولدين اللذين كانا قد أعُلن عن تقديمهما، بقطع غيار وتحديث معملي الكهرباء في الزهراني ودير عمار. وهو ما من شأنه “زيادة انتاج الطاقة، بقدرة 10 ميغاواط من دون أن تتحمل الخزينة أي مبلغ اضافي” بحسب غجر.

 

الهبة ستتوزع على 4 نقاط اساسية:

 

– إجراء كشف أولي بواسطة خبراء ألمان على معملي دير عمار والزهراني اللذين يستخدمان معدات مصنوعة بواسطة “سيمنز”.

 

– تزويد المعملين بحاجاتهما من قطع الغيار التي تستطيع شركة “سيمنز” توفيرها بعد التنسيق مع مؤسسة كهرباء لبنان.

 

– زيادة القدرة الانتاجية للمولدات الاربعة الموجودة في المعملين بمقدار 2.5 ميغاوات لكل مولد، ما يسمح برفع الطاقة الانتاجية ككل بمقدار 10 ميغاوات.

 

– تغيير “الجزء الساخن” المكلف، من مولد الزهراني.

 

هذه التعديلات التي أجريت على الهبة تقدّر “بملايين الدولارات” برأي غجر. “وهي تعتبر استثماراً طويل الاجل يوفر حاجات اساسية في المعامل لمدة تزيد عن 10 سنوات. أما منافعها فلا تنحصر بمنطقة معينة، بل يستفيد منها كل اللبنانيين، ومن بينهم المتضررون من أهل بيروت”. ورداً على تساؤل ان كانت الهبة المقدمة تعطي لـ “سيمنز” الافضلية في التلزيمات المستقبلية لانشاء وادارة المعامل، اعتبر غجر “ان الذي يحكم العلاقة مع الشركات الراغبة في الاستثمار في مجال الطاقة هو المناقصة. ولن تشكل الهبة فرقاً في حال كانت اسعار المتقدمين الآخرين أقل من العرض الذي تقدمة سيمنز”. إلا ان ما تتفرد به سيمنز بالمقارنة مع غير شركات بحسب غجر هو “معرفتها الكبيرة بواقع قطاع الطاقة وحاجاته وقدراته، وذلك نتيجة الشراكة الطويلة مع لبنان”.

 

الديزل حجة!

 

ما قامت به “سيمنز” من خلال الهبة كان “محاولة لاثبات نجاح تجربة هذا النوع من الحلول لأزمة الكهرباء في لبنان. وذلك عطفاً على الفكرة التي كانت قد طرحت سابقاً على وزارة الطاقة من الجهة نفسها، ولم تلاقِ قبول الوزير سيزار أبي خليل وقتذاك”، يقول مدير عام الاستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون. أما التذرّع بعدم القدرة على تأمين سعر الديزل فلم يكن بحسب بيضون إلا “حجة واهية”. وبحسب المعلومات فان الكيلواط المنتج من هذه المولدات لن يكلف الدولة أكثر من 9 سنتات، بالمقارنة مع 14 سنتاً تدفع للكيلواط المنتج من البواخر مع اشتراط الاخيرة ان يكون الدفع بالدولار حصراً. وكان بالامكان الاستفادة من المساعدة العراقية التي قدمت كمية من الديزل مجاناً، ومن هبات أخرى يجري تقديمها في إطار المساعدات الخارجية لتغطية كلفة المحروقات اللازمة لتأمين إنتاج 80 ميغا من المولدات. هذا فضلاً عن الانخفاض الكبير في أسعار النفط عالمياً.

 

ما يجري بحسب بيضون “يقطع الشك برغبة وزارة الطاقة باستمرار الحل الموقت المتمثل بالبواخر، بيقين رفض أي حل آخر أكثر انتاجاً وأقل تكلفة على الدولة. وبدلاً من الاستفادة من 80 ميغاواطاً تشكل أكثر من 5 في المئة من الطاقة المنتجة، جرى تجيير الهبة للتستر على الفوضى المالية في كهرباء لبنان على حساب إغاثة المنكوبين جراء انفجار المرفأ”، يقول بيضون. “وهو ما لا يراعي البعدين الاقتصادي والاجتماعي، وإلحاح الحاجة الى الكهرباء في عمليات البحث وتدعيم الابنية ومعالجة الأضرار”. وبرأيه فان “هذا الموقف يختصر إصرار القيمين على قطاع الطاقة منذ أكثر من عشر سنوات على قطع الطريق على أية حلول يمكن ان تطرح لمعالجة ازمة الكهرباء. ومنها وضع طروحات “سيمنز” وعروضها للمساعدة موضع التطبيق وإمكانية نجاحها”.

 

الورقة الفرنسية

 

“الفوضى المتحكمة في قطاع الطاقة لن تحل إلا “باعتماد مندرجات الورقة الفرنسية التي حملها الرئيس ماكرون، والتي سبق وان بح صوتنا ونحن نطالب بها” يقول مُعد الورقة الاقتصادية في “الحزب التقدمي الاشتراكي” محمد بصبوص. هذه الورقة تنطلق من نقطتين اساسيتين وهما: تشكيل الهيئة الناظمة لقطع الكهرباء بحسب القانون 462 من دون أي تعديلات تفرّغ “الهيئة” من صلاحياتها الاساسية. وثانياً، تعزيز دور المجلس الاعلى للشراكة بين القطاعين العام والخاص. وبحسب بصبوص فان “نجاح عمليات تلزيم معامل انتاج الطاقة مستقبلاً على قاعدة ppp Public–private partnership يتطلب وجوداً فاعلاً “للهيئة الناظمة” والمجلس الأعلى للشراكة.

 

وضع القواعد الأساسية للانطلاق في قطاع الطاقة يتطلب العمل بالتوازي على معالجة الهدرين التقني وغير التقني، اللذين يستنزفان 40 في المئة من كمية الطاقة المنتجة، بحسب ارقام البنك الدولي. إذ ان بناء المعامل وزيادة الانتاج من دون معالجة “الهدرين” لن يعطيا أي نتيجة، وستفشل أي خطة.