من خارج سياق التوقعات، جمّد المجلس الدستوري قانون إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة مالية بقيمة 300 مليار ليرة، أو ما قيمته وفق السعر الرسمي، 200 مليون دولار، لشراء المحروقات، وذلك، على خلفية طعن مقدَّم من أعضاء “تكتّل الجمهورية القوية”، في 26 نيسان الماضي. وقد استند أعضاء “التكتّل” في طعنهم إلى أن قيمة السلفة ستُعطى بدولار مدعوم من مصرف لبنان، وبالتالي ستُقتطَع قيمتها من أموال الاحتياطي الإلزامي.
هذا القرار لا يعني إبطال مفعول القانون أو وقف دفع السلفة وتأمينها، وإنما أوقف تنفيذ القانون ريثما يصدر القرار النهائي بشأنه. لكنه في المقابل يهدد لبنان بالعتمة لأنّ وزارة الطاقة باتت عاجزة عن دفع كلفة العقود الفورية التي تجريها لتأمين الفيول اويل والغاز اويل حاجة مؤسسة كهرباء لبنان.
ولهذا سارع رئيس لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه النائب نزيه نجم مع وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر والنائب قاسم هاشم، ووزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني، إلى التحذير من العتمة بدءاً من منتصف الشهر الحالي، أي بعد حوالى أسبوع، من العتمة التدريجية.
ماذا في الاقتراحات المتداولة؟
وفق المعلومات، فإنّ هذه المسألة كانت بنداً ملحاً على جدول أعمال مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان الذي عقد خلال هذا الأسبوع جلستين كانتا مخصصتين بالأساس لمراجعة لائحة المدفوعات المتوجبة على المؤسسة للمتعهدين والشركات المتعاقدة مع المؤسسة والتي تبلغ قيمتها حوالى 400 مليون دولار، سبق للمؤسسة أن أودعتها مصرف لبنان لكونها مجدولة بالدولار الأميركي، ويفترض تسديدها بالعملة الصعبة. ولذا كانت تطلب من مصرف لبنان تأمين الدولارات لتسديد قيمة هذه العقود، مع العلم أنّ هذه المطلوبات كانت موضع اعتراض من جانب بعض أعضاء مجلس الإدارة المشككين في حقيقة هذه العقود وفي قيمتها الحقيقية.
جديد هذا الملف، هو اصرار بعض أعضاء مجلس الإدارة على ترشيد الدفع من جانب المؤسسة، من خلال إعادة النظر بالمبالغ المتوجبة عليها، خصوصاً وأنّ بعض العقود لا تستحق الدفع بالعملة الصعبة. ولهذا جرى التركيز على البنود المهمة في هذه اللائحة لحصر الدفع بالأمور الأساسية لتسيير المرفق بالحد الأدنى. ولهذا مثلاً، تمّ الاتفاق على شطب عقد استجرار الطاقة من البواخر (شركة كارباورشيب)، من لائحة المدفوعات، رغم محاولات البعض الضغط باتجاه دفع جزء من مستحقات هذه الشركة البالغة حوالى 100 مليون دولار، إلا أنّ اصرار رئيس مجلس الإدارة كمال الحايك على تأمين الإجماع بين الأعضاء، أدى إلى اخراج الشركة من لائحة العقود التي ستدفع بالدولار، وسيصار إلى دفع مستحقاتها بالليرة عند انتهاء العقد في أيلول المقبل، ما يعني مغادرتها المياه اللبنانية. وكما الشركة التركية، كذلك الأمر بالنسبة لعقود مقدمي خدمات التوزيع والتي تبلغ قيمتها حوالى 100 مليون دولار أيضاً، وهذه العقود هي ملفات يشوبها الهدر وروائح الفساد، فلم يتم التوافق على إدراجها على لائحة المدفوعات بالدولار.
كذلك، شهد موضوع معملي الذوق والجية نقاشاً مستفضياً بين المجتمعين، وكلفته حوالى 100 مليون دولار، ذلك لأنّ الخطة التي أقرتها الحكومة تقضي بتفكيك المعملين العام المقبل على أن يصار إلى بناء معامل جديدة بديلة، ولهذا رفض بعض أعضاء مجلس الإدارة تخصيص أي مبلغ للاستثمار في هذين المعملين من دون قرار جديد لمجلس الوزراء يلغي القرار السابق، فجرى ترحيل البند إلى جلسة لاحقة. على هذا الأساس، يفترض أن تنخفض قيمة مطلوبات مؤسسة كهرباء لبنان بالدولار، إلى حوالى 100 مليون دولار فقط لتؤمن أبرز احتياجاتها سواء في عقود تشغيل معامل الانتاج التي لا يمكن الاستغناء عنها أو في التوزيع والنقل اللذين تتولاهما المؤسسة لا من يقدم الخدمات.
إلا أنّ أبرز ما تمّ الاتفاق عليه في جلسة يوم الخميس، وهو سابقة في تاريخ المؤسسة هو السير باقتراح عضو مجلس الادارة المهندس طارق عبدالله الرافض لطلب أي سلفة خزينة، والطلب في المقابل تحصيل حقوق مؤسسة كهرباء لبنان من الإدارات الرسمية والتي تبلغ حوالى 1800 مليار ليرة.
وقد قرر مجلس الإدارة وضع موازنة العام 2021 على أساس الطلب رسمياً من وزارة المال تحصيل حقوق المؤسسة من الإدارات الرسمية لسدّ العجز في الموازنة، على أن يجري العمل لوضع موازنة العام 2022 على أساس معالجة أزمة الجباية ورفع التعرفة لسدّ العجز.