الانفراجات مجمّدة.. وروسيا تستعجل الحل في سوريا
لم يفلح الحراك الخارجي والداخلي في ضخ تفاؤل بإمكانية حل الأزمة السياسية والدستورية في لبنان في وقت قريب. تتقاطع القراءات على ربط الواقع اللبناني بالوضع الشائك في سوريا. وبالتالي فإن الجهود المبذولة خارجياً هدفها احتواء النزاعات الداخلية حتى يصل كل الاطراف الى مرحلة القبول بما يفرض عليها. ذلك يعني أن لا إمكانية قريباً لحل أزمة الفراغ الرئاسي.
تعتقد أوساط ديبلوماسية ان محاولات فصل لبنان عن تطورات الوضع في سوريا عبر اجراءات عديدة «لم تنجح»، ولذلك فإن الاستراتيجية الدولية المعتمدة بالنسبة للبنان هي احتواء الواقع ومنعه من الانهيار، ومن هنا يأتي التشديد الدولي لإبقاء الـ «ستاتيكو» اللبناني على ما هو عليه، خصوصاً أن الدفع الدولي لإنجاز الانتخابات البلدية والاختيارية كان يهدف لتنفيس الاحتقان اللبناني وإعطاء فسحة للبنانيين تعوّضهم هذا الانسداد السياسي الذي يعطّل الدولة. تقدّم الأوساط الديبلوماسية نصيحة إلى المسؤولين والقيادات اللبنانية «حافظوا على الليرة والامن ونرى لاحقا ماذا نفعل. اتركوا موضوع الرئاسة وحاولوا ان تصمدوا في هذا الستاتيكو القائم».
وتضيف الاوساط الديبلوماسية «اليوم يظهر ان الصراع عميق في لبنان، فحتى لو جيء بكل الاحزاب السياسية وبدأوا حوارا فلا يمكن الوصول الى حل، والامر ذاته في سوريا، وخلفية طرح الرئيس حسين الحسيني تنبع من هذه الحقيقة، وهو عمد الى طرح يلتف على الازمة تأمينا لانتقال سلس للسلطة عبر اقتراح انتخاب رئيس لسنتين او لسنة بهدف اتمام الاصلاحات واعداد قانون انتخاب واعادة تكوين السلطة. في هذه الاثناء تكون قد بدأت في سوريا معالم الحل ولم يبق لبنان في الشلل الكلي».
وتوضح الاوساط الديبلوماسية ان هناك نظريتين: الاولى تقول ان «هذا الشلل الكلي مفيد طالما الامن ممسوك والليرة ثابتة، وعندما يحين جلوس الاطراف الى طاولة التفاوض يكون الجميع منهكا، ويقبلون بما يعرض عليهم لاعادة بناء الدولة». والثانية تقول ان «انهاك الاطراف لن يفيد حتى حزب الله، لانه عندما نصل الى مرحلة لا يبقى فيها طرف قوي ومتماسك الا حزب الله، فإن الكل سيتكتل ضده. لانه بالتجربة عندما تكون هناك مجموعة قوية في لبنان فإن الكل يلتف عليها، والاجراءات الاميركية لا تشجع على النظرية الثانية لانها تمارس ضغطا متصاعدا على الحزب بالتزامن مع ضغط خليجي».
وتكشف الاوساط ان «البحث الجدي قائم مع روسيا حول كيف يمكن وضع بداية حل في سوريا، وموسكو تدفع الى هذا الخيار قبل انتهاء ولاية الرئيس الاميركي باراك اوباما، اقله تثبيت خطوط التماس اذا كان الحل متعذرا، حينها يبدأ كل طرف بتحسين وضعه ويبدأ بإزالة آثار الحرب الى حين الوصول الى الحل النهائي». وتشير الأوساط إلى ان «التقدم للجيش السوري وحلفائه في سوريا يعطي انطباعا وكأن الحسم قادم وانه بقي فقط معركة حلب، وهذا كلام غير دقيق لان الحرب السورية تتدخل فيها تركيا في شكل مباشر من دون ادخال جيشها من وراء خط الناتو».
في المقابل، تشير تلك الأوساط الى ان «العقل الغربي يقول بانجاز السلام ومن ثم عقد مؤتمر لاعادة الاعمار ونبدأ بالعمل. ولكن الى الآن لا وضوح حول نهاية الحرب السورية ولا افق للسلام. والعقل الغربي يقول بانهاك كل الاطراف في المنطقة ومن ثم يجلسون الى طاولة التفاوض، تماما كما حصل في الحرب على لبنان العام 2006، حينها كان كل ما تم التوصل اليه هو وقف الاعمال العدائية وليس هدنة، وبأي لحظة تعود الاعمال العدائية لولا توازن الرعب، والامر ينطبق على الحرب السعودية على اليمن..».
وتخلص الأوساط الى ان هناك استنزافاً كبيراً في المنطقة «ويصرف على الحرب فيها سنويا 110 مليار دولار فقط للاستهلاك الحربي من دون الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية، واذا استمرت لعشر سنوات يعني ان الكلفة المباشرة ستبلغ 1100 مليار دولار، وهذا المبلغ قادر على النهوض بالعالم العربي في شكل غير مسبوق».