Site icon IMLebanon

»لبنان الفيدرالي» لمن؟

صحيح أن موقع الشرق الأوسط – وفيه موقع لبنان الحالي – هو من خصوصياته، إلاّ أنه وبسبب خطورة هذه الخاصية وأهميتها كأهم خاصية من خصوصياته، رأيت أن أشير إليها في محاولة لفهم أثر موقع «المنطقة» و»لبنان» على «المسألة اللبنانية» في الوقت الحاضر..!

فنحن حينما ننظر الى هذا الموقع من الزاوية التاريخية نرى أنه كان – ومازال – لهذا الموقع الجغرافي وما ترتب عليه من خطورة استراتيجية دور أساسي في تقرير مصائر الشعوب التي تسكنه، فموقع الشرق الأوسط شديد الإرتباط بأهميته الاستراتيجية، ولا يمكن الفصل بينهما، فإن العبارات التي كانت تطلق، في القرن التاسع عشر وصفاً لهذه المنطقة، كقولهم – جسر إلى آسيا – وأنه طريق حيوي للأمبراطورية البريطانية، والشريان الرئيسي للمواصلات بين أوروبا وآسيا.

صحيح أن هناك بقاعاً أخرى يمكن اعتبارها جسوراً وخطوطاً حيوية للمواصلات في العالم ولكن ليس بأهمية هذه المنطقة التي كانت أبداً ساخنة بسبب الحروب التي وقعت على أرضها وطريقها المائية، كما أنها كانت موطن الفكر الديني، في التاريخ القديم، ثم مهبط الديانات السماوية، ثم معتركاً للفكر الحديث.

فهذه العبارات كلها كانت ترتبط بخطورة موقعه الاستراتيجي، والتي ازدادت أهمية بعد تفجّر «البترول» فيه، مما زاد في أهميته «الجيو – إستراتيجية» في الصراع الدولي الأوروبي»، خصوصاً «الأنكلو – فرنسي» ما بين 1920 – 1945، ثم ما بين قطبي «النسق الدولي العالمي السابق» موسكو وواشنطن ما بين 1945 – 1990، واليوم، وبعدما استعادت «موسكو» موقعها في «الخريطة السياسية الدولية» من «سوريا» كـ»لاعب رئيس» إلى جانب «واشنطن»: إن في «البحر المفتوح» البحر المتوسط؛ وإن في «إقليم الشرق الأوسط» ككل، وإن في ما كان يُسمى بـ»أوروبا الشرقية» – عبر «أوكرانيا» -، وإن في العالم ككل…

على كل، وبعدما أصبحت «واشنطن»  و»موسكو» وجهاً لوجه في «المشرق العربي» وهو «مفتاح» سياسة البحار الدافئة والشواطىء الآمنة تصرفتا واقعا… عكس ما كان يُقال عن «الحرب» بينهما إلى «تقاسم» هذه «المنطقة» بينهما – أولاً – التي هي الآن «برميل بارود» قابل للانفجار في أي وقت، وفي أي مكان؛ في اطار نظر «واشنطن» و»موسكو» إليها كـ»منطقة فراغ سياسي» (كما نظرتا إلى ألمانيا مثلاً عقب الحرب العالمية الثانية. وكما نظر الصراع «الأنكلو – فرنسي» إلى «المشرق العربي عقب الحرب العالمية الأولى)، كل قوة تدعي أن لها «مصالح قومية» فيها، تعمل للحفاظ عليها بأي وسيلة..!

من هنا نقرأ وصول «قوة» من مشاة البحرية الأميركية إلى العراق للمساعدة في قتال التنظيمات الإرهابية… كما «القوات الروسية» في «سوريا». مع أن «واشنطن» أمس – وفي «العلن» فقط رفضت دعوة موسكو لاجتماع طارئ بشأن الهدنة في سوريا..!

ومع ذلك نقرأ في هذا «الخبر» الذي أصبح واقعاً على «أرض المعركة» تقاسماً جديداً لـ»المشرق العربي» بدايته كما هو ظاهر الآن:

1- سوريا الفيدرالية (أو المقسّمة) روسية النفوذ..

2- العراق الفيدرالي (الحالي) نفوذ أميركي..

3- تركيا.. قسماً منها لـ»الدولة الكردية الفيدرالية» من أجزاء من تركيا وسوريا وإيران، تنضم إلى «كردستان العراق».

4- المملكة الأردنية الهاشمية، ليس بعد..

5- دويلة فلسطينية إدارية! بما تسمح به «إسرائيل» على أراضٍ من «الضفة الغربية».. أما «غزة» فـ»إمارة».

6- لبنان الفيدرالي لمن؟ ليس بعد إنما لفرنسا حظ كبير دولياً..!

وهكذا يمكن القول إنه بـ»الإرهاب المعَوْلم العابر للقارات» الذي لا دين له ولا هوية، تُرسم حدود التقاسم الجديد لـ»المشرق العربي»، ليحل محل التقاسم القديم «الأنكلو – فرنسي» الذي رُسم بـ»اتفاقية سايكس – بيكو» 1915 – 1916 وأخذ شرعيته في مؤتمر «سان ريمو» (المدينة الايطالية القريبة من مدينة نيس الفرنسية) الذي عقده مجلس الحلفاء المنتصرين 25-4-1920 وتقاسموا ببنوده «المشرق العربي» بـ»الانتداب» أو المادة الـ»22» من ميثاق «عصبة الأمم» التي أنيط بها مهمة حفظ «الأمن والسلام الدوليين» ما بين 1919 و1939 واقعاً، ورسميا 1945 إلاَّ أنها لفظت أنفاسها في عام 1939 تحت وطأة «الأزمات الدولية»، وورثتها بعد «الحرب العالمية الثانية» 1945 «جمعية الأمم المتحدة» الحالية التي أنيطت بها مهمة الحفاظ على «السلم والأمن الدوليين»..!

وغداً، إن شاء الله، للحديث بقية…