في كل انتخابات اسرائيلية قرص لبناني . هذه المرة اعاد السجال الذي تشهده الانتخابات الاسرئيلية عقارب الساعة الى الوراء ، لتحتل مجزرة قانا التي نفذتها اسرائيل عام 1996 ، اثناء عناقيد الغضب ، عناوين المعركة الانتخابية الحالية في الكنيست، وذلك في اطار تباهي المرشحين بتاريخهم العسكري الدموي، خصوصا اولئك المنتمين الى اليمين المتطرف.
فزعيم حزب «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت الذي يشغل منصب وزير الاقتصاد الإسرائيلي، ورئيس الحزب، والذي تمنحه الاستطلاعات الإسرائيلية بين 16 إلى 17 مقعداً ليكون ثالث حزب بعد «الليكود» وتحالف «حزب العمل» مع «هتنوعاه»، نشر في اطار حملته الانتخابية صورة له يظهر فيها داخل الاراضي اللبنانية معرفا نفسه كقائد لاحدى الوحدات التي شاركت في عناقيد الغضب، مبرزا بذلك تاريخه العسكري.
امر اثار اليسار الذي هب لمهاجمته كاشفا تفاصيل نشاطه آنذاك، ليتبين بحسب تقرير مقتضب، اعادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» نشره نهاية الأسبوع الماضي، كان قد نشر في صحيفة «معاريف» في الماضي، تحت عنوان «الكولونيل كورتس والكابتن بينيت»، يشير إلى أن بينيت كان متورطا في الحادثة التي أدت إلى ارتكاب مجزرة قانا. وحسب التقرير كان بينيت حينها قائد كتيبة في قوات النخبة «ماجلان» وعلى مدى 8 أيام قاد قوة في العمق اللبناني عملت على تحديد مواقع منصات إطلاق الصواريخ. لكن إحدى المجموعات التابعة للقوة وقعت في كمين محكم لعناصر من حزب الله في منطقة قريبة من مركز قيادة فيجي تابع لقوات اليونيفيل في قرية قانا جنوب لبنان، كان لجأ الى احد «هنغاراته» مواطنون من البلدة للاحتماء من القصف الاسرائيلي، قام على اثره قائد الوحدة «قاها»، الي هو بينيت نفسه، بطلب دعم مدفعي وجوي لفك الحصار عن مجموعته محددا اهداف القصف، حيث قررت قيادة منطقة الشمال تخصيص بطاريتي مدفعية للمساعدة في عمليات الإنقاذ، فسقطت قذيفتان داخل المقر الدولي حيث قتل 100 لبناني كانوا قد لجأوا إلى المكان.
الصحافي الإسرائيلي رافيف دروكر أعاد إثارة الموضوع أمس عبر حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي «تويتر»، ونقل عن ضابط رفيع المستوى في الجيش الإسرائيلي قوله إن اتصال بينيت بالقيادة يبلغ عن تورط القوة، أسهم في التوتر الذي قاد إلى المجزرة. وقال الضابط: «كان صوت الضابط عبر شبكة الاتصال هستيريا، وضغطه ساهم في حدوث الخلل المروع»، كاشفا ان بينيت اقر امام لجنة التحقيق التي شكلت يومها بتورط وحدته في المجزرة بعد تخطيه الاوامر والتعليمات المعطاة له من قبل رسائه.
تفاصيل اثارت جدلاً شديداً على مواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلي، حيث دافع بينيت عن نفسه مدعيا أنه يتعرض لحملة هدفها تحميله مسؤولية مذبحة قانا، مدعياً أن هناك من يحفر وراءه عشرين عاماً إلى الوراء، وهو أمر يمكن أن يؤدي إلى فتح ملفات التحقيق ضد الجنود الاسرائيليين في عدوان «الجرف الصامد» ضد غزة الصيف الماضي.
وانضم الصحافي، رافيف دروكر، إلى ما نشر في «هآرتس»، فغرد على صفحته على موقع «تويتر» معتبرا أنه وفقاً لأقوال مسؤول عسكري رافق التحقيقات التي اجريت حول مجزرة قانا، ان من بين المستندات التي اطلعت عليها لجنة التحقيق يومها تسجيلاً صوتياً لبينيت ظهر فيه صوت الضابط الشاب الذي جاء هستيرياً وإن حالة الضغط التي عصفت به أدت إلى عدد من «الأخطاء الفظيعة».
بينيت الذي عمل مستشاراً لنتنياهو في ولايته الثانية إلى أن استقال بعد خلاف شديد مع زوجة نتنياهو، رد على دروكر وسأله «عما فعله في تلك الليلة عندما كان هو وجنوده يواجهون الكمائن على الجبهة الداخلية للعدو». وادعى بأن الانتقادات الموجهة اليه تشكل مثالاً «لمن يجذبون لوحة المفاتيح ويتجرأون على توجيه نصائح الى الجنود الذين يبصقون الدم على الجبهة».
صحيفة «هآرتس» نقلت عن مؤيدي بينت قولهم «ان تبادل الاتهامات دليل على ان اليسار الخائن غرس في حينه ايضاً سكيناً في ظهر المحاربين الشجعان». وتساءلت الصحيفة عن سبب اعتبار مواجهة قانا على صلة بمسألة ملاءمة بينيت للقيادة او لمنصب وزير الدفاع في الحكومة المقبلة، في شكل خاص.
وأضافت ان بينيت «كان قائداً شجاعاً، بحسب الجنود الذين خدموا تحت امرته، ولكن فترة خدمته كانت قصيرة نسبياً وانتهت بمنصب قائد كتيبة. لكن هذا المنصب يوفر له المعرفة الأساسية والجيدة للمهنة العسكرية، بينما ملاءمته لمنصب وزير الدفاع يجب فحصها مقارنة بالمرشحين الآخرين (موشيه يعالون او ربما شاؤول موفاز) وتجربتهم ومزاجهم وقدراتهم». ورأت الصحيفة ان «مدى الحكمة والمسؤولية التي سيظهرها بينيت كوزير للدفاع لا ترتبط بسلوكه كضابط في 24 نيسان 1996».
وأكدت الصحيفة ان التحقيق العسكري في مجزرة قانا «اعاد ما حدث الى اخفاقات في الاتصال والسيطرة بين قيادة اللواء الشمالي وشعبة الاستخبارات وكتيبة المدفعية. اما دور كتيبة ماجلان التي قادها بينيت فكان هامشياً».
ونقلت ما كتبه ديفيد زونشاين، رئيس منظمة «بتسيلم» حالياً، والذي كان نائباً للقائد بينيت في حينه، اذ يقول ان الادعاءات ضد بينيت «لا ترتبط بالواقع». كما ذكر ضابطان خدما في منصبين رفيعين في اللواء الشمالي آنذاك، انهما لا يذكران اخفاقاً لبينيت في تلك القضية. كما لم تتم المصادقة من الجهات العليا على كون بينيت خرق الخطة العسكرية التي رسمت له.
ترويج بينيت، الذي استطاع في الانتخابات الماضية أن يفوز برئاسة حزب «البيت اليهودي»، وهو الامتداد لحزب «المفدال الراعي» والممثل للحركة الصهيونية الدينية، التي ترعى الاستيطان في الضفة الغربية، لتاريخه العسكري جاء في اطار رغبته ليكون قائدا شرسا يصلح لمنصب وزير الدفاع، مصطدما بجهود مماثلة يقوم بها بن يامين نتانياهو في مواجهته لخصومه مفتتحا معركته الانتخابية ، مدعيا انها معركة بين محورين ، الاول قادر على مقاومة الضغوط وصد العداء من حماس وحزب الله وايران ومواجهة شرق اوسط جديد مع «داعش»، والثاني يعرف فقط كيف يستسلم امام الاعداء.