لم تتوصل إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى إنجاح المبادرة الديبلوماسية الجديدة، التي نوقشت مع فرنسا وبعض الدول العربية والجانب اللبناني و”اسرائيل” لوقف إطلاق النار، وجاء ذلك عقب إصدار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، نداءَ مشتركاَ لإرساء وقف الحرب لمدة 21 يوماَ في لبنان لإبرام تسوية ديبلوماسية.
هذه الصورة الإيجابية ظهرت في الساعات الاولى من ليل الاربعاء – الخميس، فصدرت البيانات والمواقف عن إقتراب الحل، لكن كلام الليل محاه النهار، مع تغيير التصريحات وتكرار التهديدات “الاسرائيلية”، ومواصلة الغارات في مختلف المناطق اللبنانية، وعمليات الاغتيال وآخرها في منطقتي الضاحية الجنوبية والكحالة، مخلفةً المزيد من االضحايا والجرحى والدمار الهائل.
الى ذلك، ترافقت هذه المبادرة مع مساعي الجانب اللبناني، من خلال رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تواصل مع أطراف دولية، من ضمنها الولايات المتحدة للجم التصعيد “الاسرائيلي”، كما تولى التنسيق بين حزب الله والجانب الأميركي ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الموجود في نيويورك، بالتزامن مع توقف حزب الله إطلاق الصواريخ لما يقارب العشرين ساعة منذ التوقيت المذكور اعلاه، فيما إستمرت الغارات “الاسرائيلية” والقصف العشوائي، لتظهر حقيقة ما يصبو اليه “الاسرائيلي”، وهذه المساعي والاتصالات التي قام بها برّي أتت إستكمالاً للمحادثات التي جرت مع الموفد الرئاسي الاميركي آموس هوكستين في بيروت.
وافيد وفق المعلومات بأنّ البحث كان قائماً على توافق الأطراف على تنفيذ القرار 1701 في المرحلة الأولى. وفي هذا الإطار اجتمع ميقاتي في نيويورك بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن وهوكشتاين، وجرى البحث في حل ينهي الحرب القائمة، وكانت الاجواء قريبة من الايجابية، بحيث اُعلن بأنّ حزب الله منفتح على تسوية بشأن لبنان وغزة، كما وافق نتنياهو في البدء على مناقشة مساعي التهدئة، اما الولايات المتحدة فقد اعلنت انّ مساعيها تصبّ ايضاً في إطلاق سراح الرهائن ضمن المبادرة المذكورة، ليعلن فجأة المندوب “الإسرائيلي” بأنّ العملية لن تتوقف، وأنّ لديهم تعليقات كثيرة على الاقتراح الأميركي، بالتزامن مع إعلان وسائل الاعلام “الاسرائيلية” بأنّ نسبة نجاح المبادرة ضئيلة جداً، اما نتنياهو فقد أشار الى انّ الاتفاق المذكور الذي يعمل الوسطاء لتحقيقه مع حزب الله، فهو غير واضح بالنسبة لـ “إسرائيل” ولا يتضمن تعهدات بوقف نهائي لإطلاق النار، لتتواصل المواقف الاسرائيلية بأنّ الحرب مستمرة على لبنان ولن توافق على المقترحات المقدمة، وبأنّ الغارات وعمليات الاغتيال لن تتوقف.
هذا الإنقلاب كان متوقعاً جداً من قبل “الاسرائيليين”، اذ بدت موافقتهم صورية منذ الدقائق الاولى للمساعي، لانّ العمل قائم من قبل نتنياهو على تحقيق الارض المحروقة قبل اي موافقة على الحل، كما يسعى الى تحقيق مشروعه وهو “الشرق الاوسط الجديد”، في ظل فشل صمت الدول العربية والجهود الدولية لوقف التصعيد وفرض الحل الديبلوماسي، وقد سبق ان اعلن نتنياهو عن خطته هذه مع دعوة الى بناء تحالف شرق أوسطي في المنطقة.
في غضون ذلك، نقلت مصادر سياسية عن تقارير غربية وصلت الى لبنان، بأنّ الاسابيع المقبلة مفصلية والاوضاع ستبقى على حالها، لا بل ستتفاقم من ناحية الاعتداءات “الاسرائيلية” اليومية وبشكل كثيف جداً على مختلف الاراضي اللبنانية، كما ستخوض الحرب النفسية ضد اللبنانيين، من خلال تصريحات يومية عن حرب شاملة وتدمير كبير للبنان، اي سيعملون على خلق حالات من الرعب النفسي والتحذيرات وإطلاق المناشير التهديدية بمغادرة المنازل في القرى والبلدات، لكن كل هذا لم يعد ينفع مع اللبنانيين الذين إعتادوا على كل انواع الحروب .
لتختم المصادر المذكورة بأنّ الحرب لن تتوقف والمشاهد السوداء التي نعيشها ستتواصل، الى حين ظهور بادرة حل بعد الخامس من تشرين الثاني المقبل تاريخ إنتخاب الرئيس الاميركي الجديد.