Site icon IMLebanon

غاز لبنان: 3 إلى 5 سنوات لبدء استخراجه

 

 

صحيح انّ كل المؤشرات والتصاريح تتحدث عن إيجابية وتفاؤل وتقدّم وخواتيم سعيدة في ملف ترسيم الحدود البحرية، لكن الفارق بيننا وبين الجانب الاسرائيلي، انّ الاخير يفاوض من منطلق معطيات لديه عن الكميات المتوقعة. اما لبنان، فيفاوض على «سمك في البحر». قد يتحدث غداً عن انتصار حققه بحصوله على كامل حقل قانا، معتمداً بذلك على مسوحات جيولوجية تعود إلى عقدين من الزمن، ومن غير الأكيد ما هي المقدرات التي يحويها هذا الحقل. فهل سينفع بعدها الندم بإسقاط حقه في حقل كاريش؟

أكّد الخبير في اقتصادات النفط والغاز فادي جواد لـ»الجمهورية»، انّ توقيع اتفاقية الترسيم الحدودية بين لبنان واسرائيل أصبحت بخواتيمها، وانّها ستتمّ في الايام المقبلة، كاشفاً عن انّ الوسيط الاميركي في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية أموس هوكشتاين سيطلق خطاً جديداً بالتوافق ما بين لبنان واسرائيل، من شأنه ان يحفظ كامل الحقوق الاقتصادية في حقل «كاريش» إلى اسرائيل على سطح الماء، وينهي الجدل في عمق البحر لأي نزاع حول وجود خزان مشترك، على أن يُعطى لبنان في المقابل كامل مساحة البلوك 9، والذي يتردد بأنّ حقلاً يُدعى «قانا» متواجد داخل اعماقه ويمتد إلى البلوك 72 الاسرائيلي، كما يبين ترسيم الحقل. لكن المفاجأة وفق جواد، أنّه سوف يُعاد ترسيم حقل «قانا» ضمن الصفقة، بما يضمن عدم المساس بحدود بلوك 72، وسوف نرى ترسيماً مختلفاً عن السابق لحدود حقل «قانا» غير المكتشف فعلياً، بسبب عدم وجود آبار استكشافية داخل حدوده. بل اعتمد الخبراء على المسوحات الجيولوجية التي نُفّذت على كامل البلوكات اللبنانية قبل عقدين، والتي تشير إلى وجود ثروة هيدروكربونية، وافضل مثال ما حصل في البلوك رقم 4 عندما قامت السفينة Tungsten explorer بحفر بئر «بيبلوس»، وكانت النتائج سلبية بناءً على قول «توتال». وفي السياق، تساءل جواد: «ماذا سوف يكون ردّ فعل الدولة إذا جاءت نتائج حقل «قانا» الموعود سلبية كما حصل في البلوك رقم 4؟ هل نعود إلى الوراء للمطالبة بما فرّطنا به؟».

 

وعن الطروحات التي تُعتبر اليوم رابحة للبنان، وأيهما يجب عدم السير بها لأنّها خاسرة، يقول جواد: «برأيي اصبح التفاوض اليوم سياسياً، وأُلغي الجانب الفني والتقني، وعلى هذا الاساس، وبناءً على قرار قيادة الجيش بالوقوف وراء القرار السياسي في قضية الترسيم. لذا باعتقادي الطرح الرابح هو توقيع الترسيم اليوم قبل الغد، وفتح تلزيم بقية البلوكات فوراً للبدء الفوري بالحفر والاستكشاف بالسرعة الممكنة للحاق بركب الدول المجاورة التي أضحت تصدّر الغاز إلى اوروبا، التي تتوقّع أزمة مأساوية ستضرب المانيا وبقية دول اوروبا مع بدء فصل الشتاء، والتي لن تنجح أي دولة في العالم في إنقاذ اوروبا من نقص الإمداد الروسي لها، باستثناء ايران القادرة فوراً على حل موضوع نقص الطاقة في اوروبا، وذلك بعد توقيع الاتفاق النووي. من جهة اخرى، الخسارة لحقت بلبنان بسبب تأخّرنا عقدين عن الاستفادة من ثروتنا الهيدروكربونية، بالإضافة إلى احتياجنا الى 3 الى 5 سنوات لنكون جاهزين لدخول نادي الدول المنتجة للنفط والغاز!». وأكّد أنّه لم يعد يجدي الانتظار اكثر، فيما العالم واوروبا بأمسّ الحاجة للغاز.

 

ثروة لبنان: 400 مليار دولار

وفي الأرقام، كشف جواد انّ الدراسات تشير إلى وجود حوالى 32 تريليون قدم مكعب من الغاز في بحر لبنان تقدّر قيمتها اليوم مع الصعود الصاروخي لأسعار الغاز والنفط بما يفوق 400 مليار دولار ما بين غاز ونفط. مؤكّداً انّ هذه الارقام ليست نهائية وستتغيّر فور البدء في حفر الآبار الاستكشافية الكفيلة بإظهار الارقام الفعلية بالكميات والقيمة.

 

ورداً على سؤال عن الاسباب التي تحول دون السير في عمليات التنقيب في البلوكات الـ8 البقية التي لا خلافات حولها، وربطها جميعها بمصير ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل، عزا جواد شلل مشروع الاستكشاف لدينا الى قرار اميركي يقضي بتجميد اعمال شركات الكونسورتيوم، والإيحاء للشركات العالمية بعدم التقديم لتلزيم بقية البلوكات الشهر الماضي، بعد انتهاء مدة تقديم العطاءات، بالإضافة الى تجميد استجرار الغاز المصري والكهرباء الاردنية، وبالتالي 8 بلوكات سوف تضاف إلى اخواتها 4 و 9 إلى حين توقيع الترسيم خلال الايام المقبلة!

 

اسرائيل المستفيد الأكبر

وعمّا إذا كانت حرب روسيا-أوكرانيا صبّت في النهاية لصالح اسرائيل، نظراً لقرب استخراجها للغاز، على عكس لبنان الذي لا يزال يبتعد سنوات عن عملية الاستخراج التجاري، أوضح جواد أنّه «بعد التعاقد مع مصر التي تملك منشآت نفطية متقدّمة ومصافي انتاج، أصبحت اسرائيل قادرة على توريد الغاز فوراً الى اوروبا، حيث أنّها سبقتنا في الحفر والاستكشاف والانتاج والتوريد، وتعزّز دور ثروتها اكثر بعد الحرب الروسية- الاوكرانية وتوقف خطي «نورد ستريم 1» جزئياً و «نورد ستريم 2» بالكامل. هذان الانبوبان الروسيان يعتبران شريان الطاقة لاوروبا، والتي بعد الانهيار الذي تتعرض له بسبب تراجع مخزون الطاقة لديها، وخصوصاً المانيا التي بدأت بإطفاء الانوار عن المباني التاريخية والاثرية حتى مبنى بلدية برلين، ونبّهت شعبها من شتاء قاسٍ وكلفة اكبر بمئات اليوروهات لكل عائلة، بعدما هبطت الكمية المصدّرة من روسيا إلى اقل من 60%علماً انّها تستورد 55%من احتياجاتها من روسيا. وبناءً عليه، تُعتبر اسرائيل اليوم إحدى مصادر الطاقة البديلة التي تتسابق الدول الاوروبية لحجز الكميات التي تحتاجها من مختلف المصادر العالمية لديها.