Site icon IMLebanon

سارحة… فهل يرعاها الرب؟!  

 

 

أيام زمان كنا نلجأ الى المثل السائر المعروف جداً والمتدَاول كثيراً في لبنان وهو «سارحة والرب راعيها». كنا نتمثل بهذا القول ازاء أي هفوة أو خطأ يُرتَكَب على مستوى مجلس الوزراء أو السلك الديبلوماسي أو الأجهزة الأمنية الخ… دلالةً منّا على فقدان رقابة الدولة في مكانٍ ما، أو تغاضي وزيرٍ هنا ومسؤول إداري أو قضائي هناك، أو تقصيرٍ في مكان ثالث الى ما هنالك. أمّا اليوم فلم يعد هذا المثل الشهير ينطبق على واقع حال هذه الدولة (اللادولة)، فالأمور سارحة من دون أن يرعاها أحد، ليس لأن الرب لم يعد مهتماً أو لأنه تخلّى عن الرعاية، بل لأننا، نحن اللبنانيين، تخلّينا عن أدنى ثوابت الدولة ومقوّمات وجودها، ولاسيما لأننا ابتعدنا عن الرب كذلك، وإن كنّا نستخدم اسمه كذباً ورياءً ونفاقاً!

 

فأين هي دولتنا المهضومة؟ أهي موجودة في حكومة مبتورة تحضر ساعةَ ثمة مصلحة طارئة (وما أدراك ما هي تلك المصالح وفي أي نفق تدخل، ومن أي دهليز تخرج، وفي أي مغارة تصبّ؟).

 

أو إنها في مجلس نيابي يعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، ولقد بتنا أضحوكة الأمم قريبها والبعيد، كبيرها والصغير، بريئها والمتواطئ، يأتوننا ذرافاتٍ ووحداناً، يغدقون علينا النصائح والإرشادات… وكثيراً ما يرموننا بالإنذارات والتهديدات، ونحن ارتدينا جلود التماسيح فنتذاكى حيناً ونكذب في كل حين، وتفوتنا الحقيقة الصارخة وهي أن الصغار عندما يتطفلون على ملاعب الكبار يتحولون الى كرة تتقاذفها الأقدام!

 

أو إن الدولة موجودة في هذه الإدارة التي كنا نشكو منها وندعو الى إصلاحها حتى يوم كانت ثمة دولة في هذا الوطن المنكوب، فكم بالحري اليوم؟

 

أو ترانا نبحث عن الدولة في الجنوب على تخوم فلسطين المحتلة؟

 

وهل نرى معالم الدولة في القضاء، وما يُدار فيه لا يدعو الى الخجل وحسب، إنما كذلك الى البكاء بعد ما نرى من مهزلة (والأكثر دقة من مأساة) مستَدامة من التعامل مع فجيعة العصر في المرفأ حتى التعاطي مع أموال المودعين المنهوبة، ولم ينقص سوى إقامة الاحتفالات التكريمية للصوص ومنحهم أوسمة الاستحقاق اللبناني المذهّبة؟

 

أو لعلّنا نجد الدولة العليّة في تدفق النازحين السوريين والموقف المخزي من مواجهة هذه الأزمة منذ ثلاث عشرة سنة؟

 

وهل نتحدّث عن البنى التحتية كلها؟ ثم نعود الى كل منحىً من مناحي الحياة اللبنانية، في كل شيء! كل شيء على الإطلاق!

 

وأمّا الجوع والقهر والإذلال جراء الشؤون كافة من الكتاب المدرسي الى لقمة العيش فالدولة موجودة، فقط، في كيل «المدائح» للدولة. ونود أن نعبّر عن سرورنا بأن الناس لا تقصّر في هذا الميدان؟!.