IMLebanon

لبنان أمام خيارين

الإعلان السعودي المفاجئ برفض استمرار العلاقة مع الدولة اللبنانية في حال لمُتدخل تعديلا على سياساتها حيال «حزب الله» الذي يتخذ من لبنان منطلقا لمواجهة السعودية والدول الخليجية وضع القوى السيادية٬ وتحديدا فريق 14 آذار٬ أمام خيارين:

خيار التقاط فرصة الغضبة الخليجية ودخول الدول الخليجية في مواجهة مع «حزب الله»٬ وبالتالي التمسك بهذا التحول السعودي ومواكبته على أرض الواقع٬ على رغم أن هذا التوجه المستجد يختلف جذريا عن التوجه السابق الذي كان يشجع على التنازلات للحزب والتسويات معه تحت عنواني الواقعية السياسية وأولوية الاستقرار.

والقوى اللبنانية المؤيدة لهذا الخيار٬ أي خيار الاستفادة من التوجه الخليجي المستجد لخوض مواجهة سياسية مع «حزب الله» في الداخل اللبناني٬ تبرر تأييدها للمواجهة بالاستناد إلى الآتي:

أولا٬ لا يستطيع لبنان أن يستدعي دول العالم لخوض معاركه على توقيته٬ فيما يفترض بالقوى المعنية بالسيادة اللبنانية أن تكون جاهزة ومستعدة لتلقف أي تطور خارجي٬ وتعمد إلى توظيفه في الخانة السيادية.

ثانيا٬ لا يمكن الرهان على أن التصدي الخليجي ثابت ودائم ونهائي٬ لأن التصدي هو أسلوب مواجهة اختلف اليوم عن المرحلة السابقة٬ وقد يختلف غًدا عن اللحظة الراهنة٬ وبالتالي يجب عدم تفويت هذه اللحظة.

ثالثا٬ لا يفترض التقليل من خطورة عدم مواكبة التوجه الخليجي٬ لأنه يمِّهد للتخلي عن لبنان من منطلق «لماذا نكون ملكيين أكثر من الملك»؟ فإذا كان الشعب اللبناني لا يكترث لسيادته واستقلاله ودور «حزب الله» الذي يرتد سلبا على البلد٬ فلن نكون في موقع الدفاع عنه طالما أنه يرفض الدفاع عن نفسه.

رابعا٬ لا يستطيع أي مكون سياسي أن يتجاهل التطورات السياسية المؤثرة على حركته٬ وبالتالي لا يمكن لقوى 14 آذار وتيار «المستقبل» التعامي عن التطور في الموقف الخليجي والتعامل معه وكأنه لم يكن.

خامسا٬ لا مصلحة لبنانية بتعريض مصالح لبنان واللبنانيين للخطر٬ كما لا مصلحة باستمرار هذا التساهل والاستسلام لـ«حزب الله» الذي يخوض معاركه من دون أن يأخذ في الاعتبار المصلحة اللبنانية٬ بل أصبح دوره يشكل خطرا على لبنان.

وفي موازاة هذا الخيار الذي يدعو بوضوح إلى مواكبة الإجراء الخليجي بالتصعيد المحلي٬ ترِّوج قوى سياسية أخرى لخيار آخر يقوم على الآتي:

أ­ زيادة حدة التوتر ستؤدي إلى الإضرار بلبنان٬ وبالتالي لا مصلحة لبنانية ولا خليجية بتحول الساحة اللبنانية إلى ساحة قتال تعيد تدمير كل المساهمة الخليجية في إعادة إعمار هذا البلد بعد انتهاء الحرب في العام ٬1990 كماُتدخل لبنان في دوامة من العنف يصعب فرملتها وتطويقها.

ب­ المصلحة اللبنانية والخليجية تكمن في الحفاظ على الاستاتيكو الراهن بانتظار لحظة الدخول في مفاوضات خليجية ­ إيرانية يصار إبانها إلى التشدد مع طهران من خلال رفض أي تسوية إقليمية ما لم يسلم «حزب الله» سلاحه للدولة اللبنانية٬ وينتقل من الدور الإقليمي إلى الدور اللبناني.

ج­ المصلحة اللبنانية والخليجية تكمن في تدويل القضية اللبنانية بعد تعريبها٬ حيث إن التدويل يساهم في جعل دور «حزب الله» بندا أول في المفاوضات الدولية مع طهران حول دورها الإقليمي الذي يفترض أن يتحول إلى دور سلمي٬ وليس مزعزعا لاستقرار المنطقة.

د­ المصلحة اللبنانية والخليجية تكمن في مواصلة الدعم الخليجي للبنان سياسيا واقتصاديا وعسكريا من أجل إبقاء التوازن قائما بين الدولة والدويلة٬ فيما خلاف ذلك يؤدي إلى هيمنة الدويلة على الدولة بالكامل.

هـ­ نظرية إلهاء «حزب الله» في الداخل لإنهاء دوره الإقليمي غير واقعية٬ لأن باستطاعته مواصلة دوره الإقليمي وإدارة حرب أهلية في الداخل تقضي على الأخضر واليابس٬ والخاسر فيها المواطن اللبناني وكل تيارات الاعتدال في البلد.

و­ كل فلسفة 14 آذار مدعومة خليجيا ارتكزت على نقطة أساسية وهي تجنب الحرب الأهلية٬ وهذا ما يفسر ما جرى منذ العام 2005 إلى اليوم٬ وقد جّنبت هذه الاستراتيجية لبنان الحروب والويلات٬ وبالتالي من الأجدى مواصلة السياسة نفسها على سورنة لبنان وعرقنته.

ز­ السياسة الانتظارية المرتكزة على الصمود في الداخل بانتظار المتغيرات في الخارج تشكل مصلحة حيوية للبنان٬ وخلاف ذلك أرض محروقة ونهاية للبنان.

وتأسيسا على ما تقدم٬ أي من الخيارين ستعتمد قوى 14 آذار في نهاية المطاف؟ وهل سترِّجح خيار المواجهة في الداخل توازيا مع المواجهة الخليجية في الخارج٬ أم خيار التمسك بالاستاتيكو الراهن والسياسة الانتظارية القديمة ­ الجديدة؟

ويبقى كيف ستتعامل 14 آذار نفسها مع القرار الخليجي بإدراج «حزب الله» على لائحة الإرهاب٬ وبالتالي ماذا لو قررت الدول الخليجية أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان لأن مشاركة «حزب الله» في السلطتين التنفيذية والتشريعية أساسية؟ فهل ستعمد 14 آذار عندذاك إلى تعليق مشاركتها في الحوارين الثنائي والموسع والحكومة تجنبا لقطع الدول الخليجية علاقاتها الدبلوماسية مع لبنان وتجنيبه الأسوأ سياسيا واقتصاديا؟ وكيف سيرد «حزب الله» على خطوة رفض 14 آذار تغطيته في الداخل والتكامل مع الموقف الخليجي في الخارج