متى كنّا دولة مستقلّة؟! للبنان تاريخ من العجز والسقوط في قبضة احتلالات مستورة أو معلنة، منذ كان لبنان، لطالما كان مختطفاً من جهة ما، ولطالما كانت حكوماته عاجزة عن اتخاذ قراراتها كدولة مستقلّة، فشهدناه ساقطاً تحت احتلالات جمال عبدالناصر وياسر عرفات إلى النظام السوري والشيطان الإيراني، ومجدّداً ربّما علينا أن نتساءل: متى كنّا فعلاً دولة مستقلّة؟!
لطالما وُجِدَ في لبنان فريق يختطفه لصالح محاور ودول أخرى، مرّة في محور «عروبة» عبدالناصر، ومرّة حوّلوه إلى جبهة مفتوحة وساحة للميليشيات الفلسطينيّة، وأخرى أباحوه للاحتلال السوري ولـ»عروبة» جبهة الصمود والتصدّي التي بات اسمها اليوم «محور الممانعة»، فما نكاد نخرج من احتلالٌ حتى يسلّمنا احتلال سابق لآخر لاحق!!
حتى اتفاق الطائف الذي وضع لإنهاء الحرب الأهليّة تمّ وضعه بصيغة تتيح التحكّم بلبنان، وفيه كثير ممّا يجعل تعطيله أمراً واقعاً، حتى البيانات الحكوميّة نواجه أزمات تعطّل وضعها وتفرض فيها بنود تؤكّد أن لبنان مخطوف من فريق أو محور، وباتت التحايل على اللغة العربية «تعليمة» وصفها مرّة النائب وليد جنبلاط بـ»المطاطة» عندما احتدّ النقاش على طاولة حوار العام 2006 على كلمة «ترسيم الحدود» و»تحديد الحدود» بين لبنان وسوريا، والرسم غير التحديد وهو فخٌّ لتعطيل المطلب اللبناني، ومثله كلّ البيانات الحكوميّة التي علقت في ثلاثيّة الجيش والشعب والمقاومة فأسقطت الدولة، والأمثال لا حصر ولا عدّ لها، وعمليّاً، نحن دولة تحتال على نفسها باستخدام كلمات مبهمة يُفسّرها من يشاء كيفما يشاء ووقتما يشاء!!
ليست المرّة الأولى التي يكون فيها لبنان منصّة وساحة تُستخدم ضدّ العرب عموماً، وضدّ المملكة العربيّة السعوديّة خصوصاً، ليست المرّة الأولى التي يكون فيها لبنان مخطوفاً ضدّ نفسه وانتمائه العربيّ، منذ الدستور الأول الذي كان فيه لبنان «ذو وجه عربي»، حتى أقرّ اتفاق الطائف عام 1990 نصاً يؤكّد أن لبنان عربيّ الهويّة والانتماء، وللمفارقة أنّ لبنان منذ ذلك التاريخ اختطفه فريق إلى الحضن الإيراني منذ العام 1979 وعمل بدأبٍ على تكريسه دولة مشلولة مستتبعة للوليّ الفقيه الإيراني، وهذا واقع لا يُظنّن أحد أنّ لبنان قادرٌ على التفلّت منه إلا متى تمّ وضع حدّ لسلاح حزب الله بنزعه وتلقّي الحزب ضربة تقضي عليه وعلى مشروعه، وهذا أمرٌ صعبٌ تحقّقه في الوقت الرّاهن.
في حوار أجراه الزميل عادل مالك مع الراحل الملك فيصل بن عبدالعزيز نشر بتاريخ 1 أيلول 1964 قال فيه «فيصل حكيم العرب» رداً على سؤال عن الحملة التي تشنها أجهزة الإعلام في القاهرة (على خلفية حرب اليمن) على السعودية وعلى فيصل بالذات، مع العلم أنها ستستقبلك بعد أيام قلائل؟ «نحن نتنزّه ونترفّع عن كلّ هذه الأشياء، إنها حاجات لا تهمنا، وليست لها من قيمة عندنا، على كل حال الحملات ليست بجديدة، وتذكر عندما غادر الملك حسين القاهرة كيف شُتم جده وعائلته في صبيحة اليوم التالي» [الحوار أعيد نشره في جريدة الحياة يوم السبت 4 نيسان 2015]، عندما نُشر هذا الحوار كنت أبلغ الشهرين من العمر فقط، اليوم أكادُ أتجاوز عامي الحادي والخمسين، وهذا الواقع ما زال كما هو، بل أسوأ من ذلك!!
2 ـ أشرف ريفي.. ألف تحيّة
في لحظة مظلمة وإحباط لبنانيّ عظيم من حكومة النفايات وأدائها وعجزها وفشلها، جاءت استقالتك لتمنحنا بارقة أمل، وإحساساً بالفخر والكرامة و»رفعة راس»… سلمتَ للبنان ولشعبه، لأنّنا بحاجة لرجالٍ كبار مثلك، قادرين على قلب الطاولة ورمي الكرسي في وجه الجميع، وإن ظنّوا أنّهم لا يزالون جالسين على كراسي الفشل والعجز، وشلّ البلاد..
حضرة الجنرال.. ألف تحية لكرامتك وصدقك وإخلاصك، وانتفاضك لحقّ اللبنانيين ورفضك أن تكون رهينة في حكومة احتاجت 7 ساعات لصياغة بيان تتضامن فيه مع هويتها وانتمائها العربيّ!!