ماذا عساني أقول في اليوم الأخير من العام البائس2015الذي اعتصر اللبنانيين حتى آخر ذرّة من قدرتهم على الاحتمال، وهم أثبتوا طوال سنيّ الحرب الأهليّة أنّهم ملوك التكيّف مع أي وضع يُفرض عليهم إلا أنّهم برغم كلّ مرونتهم في معايشة الأحداث مشروعهم وهدفهم وأملهم واحد بقيام الدولة اللبنانيّة الحرّة السيّدة المستقلّة…
ماذا عساني أقول عشية العام الجديد 2016 فلبنان يدخل عامه الحادي عشر من الاحتلال الإيراني النّافر والنّاعم الظاهر والمستتر منه، فكّرتُ مليّاً وإذا بي أجد ما كتبته قبل أكثر من عامين ، عشيّة عيد استقلال لبنان السبعين في العام 2013 يتطابق حرفياً مع ما نحن عليه عشيّة العام الجديد، الوجوه نفسها والنفوس نفسها والمصالح نفسها، بل ربّما ازدادت وقاحةً في العام 2015، وأسفرت عن أقنعة جديدة لم نكن لنظنّ أننا قد نراها صارخة في زيْفها إلى هذا الحدّ…
مقالة اليوم استعيدها من نهايات العام 2013 هي برسم التفكّر للقارئ ولي ولكلّ لبناني ما زال يأمل ويملك ذرة تفاؤل بمستقبل لبنان، لأننا وسط هذه الظلمة الحالكة لا نملك إلا أن نصدّق المقولة التي يرددها عند كلّ المواقف اللبنانيّة الدكتور سمير جعجع «ما بيصحّ إلا الصحيح»، وكلّي يقين بأنّ الاحتلال الإيراني للبنان إلى زوال ككلّ الاحتلالات التي سبقته شاء من شاء وأبى من أبى..
أواخر العام 2013 كتبنا في هذا الهامش تحت عنوان استقلال لبنان .. أمانة سمير جعجع:»المصارحة؛ أقصر طريق لقول الحقائق لأنفسنا،والمصارحة ستقودنا حتماً لتعرية كلّ «الأكذوبات» السياسية المسمّاة قيادات، والمصارحة تقتضي أن لا نكذب على أنفسنا ولا على القارئ، ولأن «المصالح» ترسم حدود ما نقول، فحرية التعبير هي أكبر «اكذوبة» صدّق اللبنانيون أنّ وطنهم ينعم بها، أي استقلال لأي لبنان لأي سياسيين؟!
قلّبتُ وجوهاً كثيرة بالأمس، كلّها مهشّمة بالتبعيّة لدولةٍ ما ومحورٍ ما ومصالحَ ما، وأخطرها على الإطلاق تلك التي تدّعي الدفاع عن لبنان فيما هي في الحقيقة ليست أكثر من «خيط» في ذيل محور مهما كان اسمه ولونه وموقعه ومخططه، و»أقبحها» تلك التي «صمّتت» وهي جالسة عند حافّة النهر تترقّب مرور جثّة، من دون أن يخطر لها أنها هي نفسها أصبحت «جيفة» عفّنها الانتظار والتقلّب على حافة نهر «خامل» لا يجري، و»أقذرها» وجوه اختصرت دم شهيد الاستقلال ووزنته فما ساوى عندها أكثر من «كرسي وزارة» لم تنلها، وما زالت تقايض هشيم رئاسةٍ كانت وحزبٍ كان بكرسي انتخابات!!
و»أوقحها» تلك التي «نَهَبتْ» لبنان مراراً وتكراراً واستنزفت ماليّته وخارجيّته وتعيش هي و»زعرانها» فوق كلّ القوانين وتظنّ أنها من طينةٍ أعلى من كلّ المواطنين اللبنانيين!!
و»أَنْتَنُها» على الإطلاق؛»عابدُ» ذاته؛ الطاعن في الجموح والجنون والذي يبيع كلّ ما يباع وما لا يُباع من أجل كلمة «فخامة»واحدة،و»أنتن»منه «حاشيته» التي تريدُ بلع لبنان وبيعه مئات المرات لتخرج بثروة ولو على جثّة كلّ القيم الوطنيّة والأخلاقيّة والإنسانيّة!!
و»أَجْبَنُها» تلك التي تعيش «انفصاماً» في الذات والهويّة والشخصية، فهي قيادة هنا،وخادم هناك،زعامة هنا،ومواطن هناك،لا فرقَ بين طاعتها وطاعة «أخبَثِها» الذين تُقبّل أيديهم هنا ويُقبّلون «اليدَ المشلولة» أو الرِّجْلَ هناك، لا فرق، بين طاعة «وليّ فقيه، وطاعة «وليّ أمر»،»كما حنّا كما حنيْن» كلاهما وجهان لعملة واحدة هي «التبعيّة والتذلّل» على أعتاب المحاور الإقليميّة سواءً منها الفاعلة والفاشلة!!
أي سياسيين لأيّ إستقلال ولأي لبنان؟!
كمواطنة لبنانية عادية بسيطة أعيش ككثير من اللبنانيّين على حدّ شفرة انهيار لبنان، وعلى عتبة إحباط كبير يكادُ يكون كفراً بهذا الوطن الذي نعتقد يقيناً أنه قضاؤنا وقدرنا، نقلّبُ الوجوه كلّها، 8 و14 وقلوبنا يغمرها الأسى عشيّة وصبيحة الاستقلال السبعين لوطن لم يكن يوماً مستقلاً، رهنّاه لحساب كلّ مغامر ومقامر ومتاجر وفاجر، نقلّب الوجوه كلّها، ولا نجد بينها إلا وجه الدكتور سمير جعجع، وجه لبنان الحقيقي في هذه المرحلة، ورَجُلُه الحقيقي في هذه المرحلة،وحكيمُه الحقيقي في هذه المرحلة، رجلٌ له وجه واحد وكلام واحد وصوت واحد، وهو خامة لبنانية أصيلة، وقامة لبنانيّة ما زالت صامدة على موقفها لم تتزحزح منذ ثلاثين عاماً، قيادة لا تغيّر جلدها ولا تلوّنه ولا تتزحزح قيد أنملة عندما يتعلّق الأمر بلبنان.
تبّاً للمحاور، وتبّاً لخاطفي الوطن وشعبه، وتبّاً للممانعة وللاعتدال وللمفاوضات والصفقات،في هذا الظلام اللبناني الدامس لم يعد هناك من نثقُ به ونأتمنه على لبنان وشعبه وسيادته وحريته واستقلاله إلا الدكتور سمير جعجع، وسط وجوه كثيرة خيّبت آمالنا وكفرنا بها وبتبعيتها منذ 14 آذار العام 2005 وحتى ذكرى استقلالنا السبعين!!»…
أيّها اللبنانيّون..كلّ عام وأنتم بخير في ردهة انتظار المنطقة التي تلفظ أنفاسها الأخيرة في انتظار «الخارطة الجديدة».