IMLebanon

لبنان أمام مرحلة جديدة من الإنتظار ريثما تتكشّف نتائج المعركة العسكرية في المنطقة ككل

ملف الإنتخابات الرئاسية مؤجَّل لإستمرار الخلافات الداخلية وانشغال الدول المعنية بالمواجهة مع «داعش»

لبنان أمام مرحلة جديدة من الإنتظار ريثما تتكشّف نتائج المعركة العسكرية في المنطقة ككل

سببان سيبقيان انتخابات الرئاسة في لبنان معلّقة ريثما تتّضح مجريات المواجهة التي تحشد لها الولايات المتحدة الأميركي..

يستبعد ديبلوماسي غربي بارز أن يتم تحريك ملف انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان قريباً لسببين رئيسيين، الأول استمرار تعطيل «حزب الله» المبرمج لهذا الانتخاب بحجة التمسك بترشيح حليفه النائب ميشال عون لهذا المنصب ظاهرياً وهو ما ترفضه قوى 14 آذار رفضاً كاملاً، فيما السبب الحقيقي لهذا التعطيل مرتبط بموقف إيران الرافض حتى الآن تسهيل هذا الانتخاب وإبقائه معلقاً في انتظار تفاهم ما بخصوصه، إما مع الولايات المتحدة الأميركية أو مع المملكة العربية السعودية أو كليهما معاً من ضمن جملة قضايا ومشاكل شائكة مختلف عليها في المنطقة وموضع صراع متواصل، والسبب الثاني إنشغال الدول المؤثرة عربياً ودولياً والتي دأبت في الماضي على التحرك بفاعلية تجاه مختلف الأطراف اللبنانيين لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، بمجريات التطورات المتسارعة بعد انفلاش تنظيم «داعش» الارهابي في العراق وسوريا وتهديده أمن واستقرار العديد من دول المنطقة وتركيز اهتماماتها في المرحلة الحالية على وضع الخطط والتحضيرات وحشد القوى لمحاربة هذا التنظيم والقضاء عليه.

ويعتبر الديبلوماسي المذكور أن هذين السببين سيبقيان انتخابات الرئاسة في لبنان معلقة لبعض الوقت، ريثما تتضح مجريات المواجهة التي تحشد لها الولايات المتحدة الأميركية دولاً عربية وإقليمية ودولية، وقد تطول المواجهة أكثر مما هو متوقع لانتشار تنظيم «داعش» في مناطق شاسعة في كل من العراق وسوريا وعدم وجود جيوش وقوى عسكرية مدربة ومجهزة بوسائل واسلحة حديثة تواكب القصف الجوي الواسع للدول المتحالفة وتتحرك بسرعة للقيام بالمهمات المنوطة بها في الملاحقة وبسط سيطرتها على الارض، في حين لا يخفي العديد من الخبراء العسكريين قلقهم من قلة تأثير القصف الجوي في حسم المعركة بسرعة وامكانية تأقلم التنظيم الارهابي واستيعابه لهذا القصف من خلال تموضعه وانتشاره بين المدنيين او في المناطق الجبلية الوعرة التي احتل مساحات منها في كلا البلدين.

ويتوقع الدبلوماسي ان يبقى الوضع في لبنان على حاله في المرحلة الحالية مع تركيز اهتمام التحالف الدولي على مجريات المواجهة المحتملة مع تنظيم «داعش» وما يمكن ان تجره من تداعيات ومؤثرات على الصراع الدائر حالياً في سوريا وما قد يلحق باطراف الصراع هناك لا سيما نظام الاسد وحليفه «حزب الله» وايران من انعكاسات بعدما ابعدوا عن صفوف التحالف الدولي ووضعوا في خانة العداء للثورة السورية بالرغم من كل الاستجداء وتقديم العروض السخية والخدمات المغرية للانضمام للتحالف على امل اعادة تعويم نظام الاسد المتهالك واعطاء النظام الايراني حوافز مطلوبة في ملفه النووي والتغاضي عن نفوذه في بعض الدول العربية وتحديداً في سوريا والعراق وغيرها، وبالطبع سيكون الوضع في لبنان معرضاً كذلك لشظايا وترددات هذه المواجهة وتداعياتها.

ولا يخفي الدبلوماسي الغربي اجراء اتصالات بين سفراء الدول الكبرى المعتمدين في لبنان وخصوصاً سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا اتصالات مع معظم الاطراف السياسيين اللبنانيين، بعضها معلن والآخر غير معلن لمقاربة ملف الاستحقاق الرئاسي والاطلاع على وجهة نظر هؤلاء الاطراف ورؤيتهم لكيفية تحريك هذا الملف والمساعدة التي يمكن ان تقدمها هذه الدول لانجاز الاستحقاق الرئاسي، كاشفاً عن امكانية تسريع هذه الاتصالات في غضون الاسابيع المقبلة، لبلورة تصور ما يمكن  ان يشكل قاسماً مشتركاً تنطلق منه هذه الدول في اتصالاتها مع الدول المعنية لا سيما المملكة العربية السعودية وايران، كل دولة من موقعها للعمل معاً لتذليل الصعاب والدفع بملف إنجاز الانتخابات الرئاسية بالوقت المعقول، بالرغم من كل الانشغالات والاهتمامات القائمة حالياً بتفعيل سبل المواجهة مع تنظيم «داعش» الارهابي، لأنه لا يمكن إبقاء الانتخابات الرئاسية في لبنان معلقة ومؤجلة لوقت طويل، لئلا تزيد الأوضاع سوءاً وتنعكس ضرراً على تركيبة الدولة ككل وسلطتها وإمساكها بزمام الأمور في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة والصعبة التي تمر بها المنطقة العربية عموماً، في حين تحرص هذه الدول على تماسك لبنان كدولة واستقراره وأمنه باستمرار.

ولا يقلل الدبلوماسي الغربي من تأثير ونفوذ الولايات المتحدة الأميركية تحديداً في ملف الانتخابات الرئاسية في لبنان بعد لجوء كل دول المنطقة من دون استثناء بما فيها إيران بمناشدتها والالحاح عليها للتحرك عسكرياً بما تملكه من عتاد عسكري وسلاح جوي قوي وواسع الانتشار لمواجهة تنظيم «داعش» الارهابي بعد تمدده إلى حدود هذه الدول وتهديده باستهداف امنها واستقرارها. وأصبحت حالياً من خلال قيادتها للتحالف الدولي صاحبة أكبر نفوذ ودور في المنطقة ومن خلاله وبالتعاون مع فرنسا وبريطانيا بامكانها التحرّك بفاعلية لإعادة وضع ملف الانتخابات الرئاسية على السكة من جديد كما فعلت مراراً من قبل، ولكن يبدو في نظر الدبلوماسي المذكور أن هذا التحرّك المطلوب من الإدارة الأميركية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان سينتظر بعض الوقت ريثما تنجلي غبار انطلاق المرحلة الاولى من المواجهة مع تنظيم «داعش» وما ستتركه على ملف المحادثات الأميركية – الإيرانية الذي قطع شوطاً لا بأس به حتى الساعة.