لا شك في أنّ المبادرة الروسية بالغة الأهمية في هذا التوقيت بالذات على الصعدان كافة لبنانياً وإقليمياً ودولياً، ذلك أنّ الإحتقان العام لا يتحمّل المزيد من المآزق.. فالسعي الى حلحلة العقد وإزالة العراقيل بات مطلباً ملحاً”.
من هنا ننظر الى المبادرة الروسية، كما ينظر إليها العالم قاطبة، بإيجابية مقرونة بالأمل بأن تأخذ مداها من التنفيذ.
وعليه، فإنّ لبنان الذي يتعامل بإيجابية كبيرة مع هذه المبادرة، تحرّك بدوره ليتلقفها منذ أن بادر الرئيس سعد الحريري الى الترحيب بها حتى من قبل عودته الى لبنان من إجازته العائلية الأخيرة.
وكان لافتاً أمس اللقاء الجامع الذي عقد في القصر الجمهوري، إذ حرصت القيادة اللبنانية على أن تلتقي الوفد الروسي، أو موفد المبادرة إذا صح التعبير، بحشد رئاسي ملحوظ وذلك لدلالتين:
الأولى: لإثبات الموقف اللبناني الواحد.
والثانية: للاستفادة من اللقاء الرئاسي الثلاثي لعرض الشؤون اللبنانية بما فيها الموضوع الرئاسي من دون أن يعني ذلك أنّ الرئيس بري يشارك في التأليف، من هنا رفض رئيس المجلس أن يدلي بأي تصريح لحظة مغادرته القصر تجنباً للقال والقيل، والبلد لا ينقصه شيء من ذلك.
ونود أن نغتنم هذه المناسبة لنتمنى على المسؤولين اللبنانيين وسائر القيادات (والكل مسؤول أمام القضايا المصيرية) أن ينكبّوا على معالجة هذه المسألة الحسّاسة بكثير من الروية، وبكثير من الوعي، وبكثير من المسؤولية الوطنية.
فليس مسموحاً بأي شكل من الأشكال أن يتم التعامل مع مسألة النازحين، وهي قضية كبرى بكل ما للكلمة من معنى، على قاعدة أنّ فريقاً رابحاً وفريقاً خاسراً، ذلك أنّه في الملمات والصعوبات يربح الجميع أو لا سمح الله يخسر الجميع، فالربح هو للجميع والخسارة هي للجميع.
ونود، بصدق وإخلاص، أن نلفت عناية الجميع الى أنّه لا يجوز تكرار ما حدث في “اتفاق القاهرة” الذي أدّت تداعياته الى حروب وكوارث وضرب مقوّمات البلد الى حدّ السقوط المدوّي والمروّع الذي بلغ مداه الى أن كان “اتفاق الطائف” الذي أعاد تصويب ما أمكن من الأمور، وإن كان تنفيذه تعثر طويلاً ولا يزال قسم منه متعثراً.
فقضية النازحين لا تتحمل المزيد من الخلافات إذ يكفينا ما فينا منها، علماً أنّ هذه القضية هي دولية وأكاد أقول أممية بامتياز وإن كانت روسيا هي في واجهة التنفيذ إثر “قمة هلسنكي” وما حصل فيها من اتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الاميركي دونالد ترامب… وهو اتفاق لقي مباركة دولية من مختلف الأطراف الفاعلة وبالذات من الاتحاد الاوروبي.
لذلك نأمل من الرؤساء الثلاثة ومن سائر القيادات الوطنية، في الاتجاهات والأطراف كافة، توحيد الجهود، في هذه المسألة على الأقل، والمبادرة الى تسهيل مهمة الرئيس المكلّف في تشكيل الحكومة… فهل يجوز أن تكون قضايا بهذا الحجم مدار اهتمام من العالم كله ومن لبنان بالطبع، ولكنه لا يمكنه أن يقوم بدور فاعل فيها في غياب السلطة التنفيذية؟
عوني الكعكي