Site icon IMLebanon

لبنان في دائرة اللامبالاة خارجياً… وداخلياً

إذا قرَّرت أيُّ مؤسسة إستطلاع أو دراسة إعداد تقريرٍ عن ملفات المنطقة بحسب أولوياتها فكيف تتدرَّج هذه الملفات بالترتيب؟

وأين يقع لبنان في سُلَّم الأولويات؟

إذا أخذنا الدول التي فيها حروب مباشرة، فإننا نُسجِّل الدول التالية:

سوريا، اليمن، ليبيا، العراق. أما الدول التي فيها تداعيات الحروب فهي لبنان والأردن وتونس.

بهذا الترتيب الأولي يمكن اعتبار أنَّ لبنان يقع في المرتبات الدنيا من حيث الترتيب ومن حيث الأهمية ومن حيث انشغال الدول المعنية به:

ففي سوريا حيث يبدو أنَّ هناك حدوداً جديدة تُرسَم، وأحدثها ما يفعله الأكراد بالقرب من الحدود مع تركيا، هذا الواقع يدفع الولايات المتحدة الأميركية، المعنية الأولى في المنطقة، إلى متابعة الأمر عن كثب.

***

في اليمن، حربٌ على الأرض وبداية مفاوضات في جنيف، صحيحٌ أنَّ مَن يربح على الأرض يربح على طاولة المفاوضات، لكن الذي حصل حتّى الآن هو أنَّ المعارك لم تُحسَم بعد، وعليه فإنَّ وَقْع المفاوضات سيكون مرتبطاً بوقْع المعارك على الأرض والذي يلقى متابعة مباشرة من الدول الكبرى المعنية.

***

في ليبيا الحرب تتقدَّم على كلِّ شيء لتُصيب بشظاياها الدول المجاورة، حيناً مصر وحيناً آخر الجزائر وتونس.

أما العراق، فالحرب فيه كانت البداية، ويبدو أنها عادت ولو بأساليب أخرى بعد الإنهيارات الدراماتيكية في ألوية الجيش ما دفع كل القوى المسلحة على أرضه إلى ملء الفراغ ميدانياً، ويُعتبر العراق اليوم من أخطر المناطق في العالم لأن الكثير من المتشددين ينطلقون منه.

***

في مصر ما زال الرئيس السيسي يحاول تثبيت حكمه في ظل ارتدادات حروب المنطقة على مصر، ليس على المستوى الأمني فقط بل على المستوى الإقتصادي أيضاً.

في ظل قوس الأزمة هذا، الممتد من ليبيا إلى العراق، أين يقع لبنان؟

بالتأكيد فإنَّ الإهتمام فيه تدحرج إلى الحدود الدنيا، على رغم أنَّ ارتدادات هذه الحروب تقع عليه دون غيره لتكون المعادلة هي التالية:

لبنان بعيد عن الإهتمام به وقريب من ارتدادات كلِّ الأزمات والحروب، وأبرز الإرتدادات مسألة النازحين، والدليل البالغ على هذه الأزمة المقاربة الأممية لقضية النازحين بين ما يُفترض أن تتحمله الدول القادرة وبين ما لا يمكن أن يتحمله لبنان. في هذا المجال تبدو شهادة الأمم المتحدة إثباتاً للإعتماد عليه، فالمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة كشف أنَّ الإتحاد الأوروبي قادر على استقبال مليون نازح خلال سنوات عدة!

بهذا المعنى، أكثر من خمس وعشرين دولة أوروبية لا تتحمل سوى مليون نازح، وعلى مدى سنوات، فيما لبنان وحده يتحمل عدداً يكاد أن يصبح مضاعفاً، وفي احتساب بسيط فإنَّ مليون نازح إلى أوروبا يشكلون أقل من ٢،٠% من عدد سكان أوروبا وفق الإحصاءات العلنية، فيما يزيد النازحون في لبنان أكثر من ٢٦% من عدد سكانه، فهل هكذا يكون الإهتمام بلبنان؟