Site icon IMLebanon

لبنان في زيارة روحاني للفاتيكان وباريس: رهان محدود على بيع الرئاسة لغير الأميركيين

بعد التجربة التي خاضها بعض الأفرقاء السياسيين في الداخل في اتجاه محاولة التوصل الى إنجاز الانتخابات الرئاسية بإخراج محلي، ولا سيما بالنسبة الى ما انتجه لقاء الرئيس الحريري والنائب سليمان فرنجيه وما تلاه لاحقا من دعم رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خصمه التاريخي للرئاسة الاولى، اختلطت محاولة لبننة الاستحقاق(!) والفشل في ذلك بمحاولة التموضع وترتيب المواقع، حتى إذا آن أوان الرئاسة أو التسوية يكون الافرقاء قد عززوا اوراقهم وعملوا على تقويتها. جلسة 8 شباط تبدو على مسافة متناقضة من السهولة واستحالة ان تنتج عملية انتخابية. لذلك عادت الانظار تتجه بقوة الى بعض المساعي أو الوساطات الخارجية، على رغم ان التطورات الاخيرة أظهرت بما لا يقبل الشك ان انتخابات الرئاسة لن يفرج عنها في المدى المنظور على الاقل. وأبرز ما اتجه اليه الاهتمام أخيرا، زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني للفاتيكان وفرنسا وما سبقها من زيارة للبطريرك الماروني للكرسي الرسولي تحت عنوان واضح هو طلب مساعدته على إنجاز الاستحقاق الانتخابي، علما ان الامم المتحدة كانت على الخط ايضا مع زيارة ممثلة الامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ أخيرا لكل من السعودية وايران، في محاولة متكررة من جانبها للمساعدة في الافراج عن الانتخابات والمساهمة في تكريس الاستقرار اللبناني الهش والذي تتهدده مخاطر امنية واقتصادية خطيرة أيضا.

ثمة مصادر سياسية عدة تخفف التعويل على أن يكون لزيارة روحاني لبعض الدول الغربية، وفي مقدمها روما والفاتيكان وباريس، الاثر الفاعل الذي يرجوه البعض في موضوع تحريك ملف الانتخابات الرئاسية قريبا على وقع التحركات التي شهدها هذا الملف أخيرا في الداخل. فروحاني المنشغل بالانفتاح على الغرب من أجل تعزيز حظوظ فريقه المعتبر اصلاحيا في الانتخابات المقبلة المرتقبة نهاية الشهر المقبل، لن يكون وفق رأي هذه المصادر في وارد الدفع الى الحسم في موضوع قد لا يكون في يده تماما، بل بين أيدي فريق الحرس الثوري، على رغم اقتناع ممثلي بعثات ديبلوماسية عدة بأن “حزب الله” يملك هامشا تقريريا واسعا في هذا الشأن، لكنه يأخذ عوامل عدة في الاعتبار تتصل بموقع ايران ورغبتها في متابعة تطور جملة مسائل خلافية في المنطقة. وثمة اقتناع لدى هذه المصادر بأن بيع ايران الورقة الرئاسية اللبنانية حين ترى ذلك مناسبا سيكون لطرف غير الطرف الاوروبي الغربي، بل هو للولايات المتحدة في شكل اساسي، او ان يكون التفاهم في لبنان هو نتاج تفاهم بين ايران والسعودية، من دون أن يعني ذلك أن الدولتين يمكن ان تجلسا معا الى الطاولة من أجل بت الموضوع اللبناني على أساس انه ملف مهم وحيوي، بل يمكن ان ينسحب عليه اي تفاهم يتم بين الجانبين حول المسائل الاشكالية في المنطقة، أو أن يحصل على هامش أي لقاء إذا هدأت بين الجانبين السعودي والايراني. لكن توجه الفاتيكان والدول الاوروبية صراحة الى ايران للمساهمة في انتخاب رئيس، أمر مفيد، مع عودتها الى المجتمع الدولي، وقد تساوم على المزيد من ذلك. وبالنسبة الى هذه المصادر، حين تحدث الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند اخيرا امام اعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين في فرنسا عن الفراغ في موقع الرئاسة الاولى في لبنان قال بوضوح “ان على ايران والسعودية المساهمة في ايجاد هذا الحل”، على نحو يكشف بوضوح أين يمكن ان يكمن حل مشكلة الشغور في الرئاسة اللبنانية، كما ينزع عن أي دولة أخرى وهم القدرة على تحقيق اي انجاز او اي اختراق على هذا الصعيد بحيث ان اقرب الى الوهم منه الى الواقع الرهان على وساطات تلعبها الدول الغربية او تنخرط في التزامات معينة على هذا الصعيد، وهو استبق زيارة روحاني واضعا الكرة في ملعب ايران مع السعودية. كما يعني ذلك في الوقت نفسه ان التموضع الذي يحدثه الافرقاء في الداخل ومن بينها خطوة ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع خصمه التاريخي زعيم التيار العوني ميشال عون بناء على حسابات واعتبارات محلية او سواها لن تغير من المعادلة الاساسية التي تحكم الموضوع الرئاسي اي معادلة التوافق بين ايران والمملكة السعودية ، مع الاخذ في الاعتبار امرين: احدهما ان كلمة هولاند امام السلك الديبلوماسي تلت بايام معدودة خطوة معراب والثاني انه سبق للرئيس الفرنسي ان تواصل على خط الالتقاء بين الرئيس الحريري والنائب سليمان فرنجيه مستطلعا مواقف الاخير من جملة مسائل تهم فرنسا في لبنان او بالنسبة اليه.

حين سئل ديبلوماسي غربي قبل اسابيع قليلة لماذا لا تلعب بلاده دورا على صعيد التقريب على الاقل بين الافرقاء المسيحيين من اجل تذليل العقبات امام كلمة موحدة مسيحية على هذا الصعيد سأل الديبلوماسي بدوره اذا كانت الكنيسة المارونية استطاعت ذلك. وتاليا ان ما لا تستطيعه بكركي على رغم الاندفاع من جانب الافرقاء السياسيين المسيحيين في اتجاهها من اجل نيل بركتها او موافقتها على مواقفهم السياسية كل من جهته، من الصعب ان تملك اي دولة غربية المونة الكافية على هؤلاء الافرقاء من اجل ابداء مرونة تسمح باجراء الانتخابات الرئاسية.