من المؤسف أنّ العرب لم يروْا يوماً أنّ لبنان قلب المنطقة، على عكس إيران التي رأت فيه منطلقها لاحتلال المنطقة العربية، لم يرَ العرب في لبنان أكثر من منتجع سياحي وما يزالون ينظرون إلينا هذه النظرة، في حديث فخر روحاني لصحيفة «اطلاعات» الإيرانية في كانون الثاني العام 1984ـ وللمناسبة كلام روحاني هو ترجمة حرفيّة لما حققته إيران خلال عشرين عاماً وما تشكّله اليوم من خطر حقيقي على العالم العربي كلّه ـ يقول روحاني: «لبنان يشبه الآن إيران عام 1977، ولو نراقب ونعمل بدقة وصبر، فإنه إن شاء الله سيجيء إلى أحضاننا، وبسبب موقع لبنان وهو قلب المنطقة، وأحد أهم المراكز العالمية، فإنه عندما يأتي لبنان إلى أحضان الجمهورية الإسلامية، فسوف يتبعه الباقون»، وعملياً هذا ما حدث، والسبب معروف وتتحمّل مسؤوليته الدول العربيّة والخليجيّة تحديداً التي تركت هذا الخطر الإيراني الخبيث ينمو ويمتدّ حتى وصل الخطر إلى حدودهم!!
في 23 حزيران 1989 صرّح حسن نصر الله لصحيفة حزب الله «العهد»: «دعانا الإمام لإقامة الحكومة الإسلامية في أي بلد نعيش فيه وهذا ما يجب أن نعمل له وأن نفهمه تكليفاً شرعياً واضحاً، وان نعمل له في لبنان وفي غير لبنان»، والعجز الذي تعيشه الحكومة والدولة اللبنانية تجاه سيطرة حزب الله على قرارات لبنان السياسية والعسكرية وربما الاقتصادية في مرحلة لاحقة متى أعلنت العقوبات الأميركية أو دخل لبنان في حال حصار دوليّ، كلّ هذه تشكّل إرهاصات إعلان دولة حزب إيران في لبنان، فيما الدولة اللبنانيّة تقف متفرّجة!
للأسف لا يملك اللبنانيّون خياراً في هذه المرحلة إلا انتظار معجزة ما، تزيح عنهم تسلّط حزب إيران عليهم، نحن للأسف ومكرهين بسبب ترسانة حزب الله تحت رحمة «الوليّ الفقيه» الذي يشرح نصر الله نفسه واقع حزبه ونظرته إليه:»نحن ملزمون باتّباع الولي الفقيه، ولا يجوز مخالفته. فولاية الفقيه كولاية النبيّ والإمام المعصوم واجبة. والذي يردّ على الوليّ الفقيه حكمه فإنه يردّ على الله وعلى أهل البيت»[مجلة العهد العدد 148 الصادرة في 24 نيسان 1987]، هذا واقع مفروض علينا بالإكراه، ومع هذا مقاومة هذا الواقع واجبة على كلّ اللبنانيّين بالرغم من الفارق الشاسع في عدم تكافؤ القوى بين العُزّل والحزب الصاروخي!
«كيْل اللبنانيين» طفح من استعراض الكذب المتواصل منذ نشأة حزب الله كفرعٍ للحرس الثوري الإيراني في لبنان، ومن المؤسف أنّ حال العرب لم يتغيّر إذ ما يزالون نياماً منذ تحذير الشاعر نصر بن سيار لآخر خلفاء بني أميّة من شرّ الخراساني المحيق بدولتهم، فحالنا والعرب معنا لا يقلّ خطراً عن حالهم: «أرى خَلَلَ الرَّمادِ وميضَ نارٍ/ ويوشكُ أن يكون لها ضِرامُ/ فإنّ النّارَ بالعوديْن تذكى/وإنّ الحربَ أوّلُها كلامُ/فقلتُ من التعجّب ليت شعري/ أأيقاظٌ أميّةَ أم نيامُ/ فإن يَقْظتْ فذاك بقاءُ ملكٍ/ وإنْ رقدتْ فإنّي لا ألامُ/ فإن يكُ أصبحوا وثوَوْا نياماً/ فقلْ قوموا فقد حانَ القيامُ/ ففرّي عن رحالِكِ ثم قولي/ على الإسلامِ والعربِ السّلامُ»!
هل تغيّر شيء في تاريخ الفرس منذ سقوط ملكِ ساسان على يد العرب وجيشهم وخليفتهم أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه وأرضاه؟ هل تغيّر شيء من دَيْدنِ الفرس ودينهم منذ ذاك التاريخ حتى هذه اللحظة؟ ألم يكن نصر بن سيار شديد الصّدق عندما وصفهم قائلاً:»أبلغْ ربيعةَ في مَرْوٍ وإخوتِها/أنْ يغضبوا قبلَ أن لا ينفعُ الغضبُ/ ما بالُكم تشعلونَ الحربَ بينَكُمُ/ كأنَّ أهلَ الحِجا عن فِعْلِكُم غيبُ/ وتتركون عدوّاً قد أضَلَّكُمُ/ فيمن تأشَّبَ لا دينٌ ولا حَسَبُ/ قومٌ يَدينونَ ديناً ما سمعْتُ به/ عن الرسولِ ولا جاءتْ به الكتبُ/ يا من يكنْ سائلي عن أصلِ دينِهِمُ/ فإنّ دينَهُم أن تُقْتَلُ العَرَبُ»، أليست هذا أجندة إيران وجندُ ولاية فقيهها وأذرعتها في المنطقة العربيّة كلّها؟ أليسَ هذا دينُ إيران و»مهديها المنتظر»: «قومٌ يَدينونَ ديناً ما سمعْتُ به/ عن الرّسولِ ولا جاءتْ به الكتبُ/ يا من يكنْ سائلي عن أصلِ دينِهِمُ/ فإنّ دينَهُم أن تُقْتَلَ العَرَبُ»!!