Site icon IMLebanon

لبنان في مرحلة  التحولات الاقليمية

تبدو المنطقة في حالة انتقال من أزمات الحروب الى امكانية الحلول السياسية، وميزان هذه الحلول يتحرك بعد الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الاميركية الى موسكو، كما بعد زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز الى الكرملين، نهاية آذار الجاري، ليستقبل الرئيس الأميركي اوباما في اواخر نيسان.

المصادر السياسية المتابعة توقعت من حكومة الرئيس تمام سلام الالتزام الشديد بمبدأ النأي بالنفس في هذه المرحلة، بعد النتائج المرة لاختبار الخروج عنه في مؤتمرات وزراء الخارجية العرب والمسلمين، ورئيس الحكومة عند هذا الرأي لكنه يحتفظ بهامش للخطأ من قبل هذا الوزير أو ذاك، ودائماً ضمن حدود الاجماع العربي، واثقاً من ديمومة الاستعداد العربي للمسامحة والغفران.

المصادر عينها، تبلغت جانباً من دوافع الموقف الروسي المفاجئ بالانسحاب الجوي من سوريا، وخلاصتها ان الروس طحشوا ضد المعارضة السورية، بأشد مما استهدفوا داعش وأخواتها، بحثاً عن دور الحكم بين الاخوة الألداء، وعلى أمل تحقيق المعادلة التاريخية الشهيرة: من يدخل حكماً يصبح سيداً، لكن اعلان وزير الخارجية السورية وليد المعلم أواخر الاسبوع الماضي، ورداً على ما أوحى بعزم موسكو التخلي عن الأسد: ان الرئيس الأسد خط أحمر… نقول هذا للقريب قبل الغريب.

هذا القول استفز الرئيس بوتين كما يبدو، فهو القريب من النظام الحاضن له، لذلك كان الاتصال الهاتفي الساخن بين الرئيس الروسي، ونظيره السوري، ومثله تصريح المندوب الروسي في مجلس الامن، وبعدها أحد الدبلوماسيين الروس في بيروت، الذي أكد على ان من انتقدوا الدخول الروسي على خط الأزمة السورية لم يكونوا على خطأ مطلق، كما ان الموقف الروسي الانسحابي يؤكد ما كنا نقوله، من ان التدخل الروسي، هدفه انقاذ النظام لا الشخص، وان روسيا لا تخوض معركة من أجل شخص بعينه…

والدليل ان موسكو اعلنت الانسحاب بعدما توصلت الى احداث نوع من توازن القوى بين النظام والمعارضة، وبعدما كانت الكفة مائلة لصالح المعارضة، ولم تتحدث يوماً عن حصرية رأس النظام، كما تفعل طهران، التي كانت غايتها من الدفاع عن النظام استدراج الغرب للتواصل معها، من خلال تدعيش السنة وتجنيد الشيعة العرب، لخدمة مخططها الامبراطوري.

إنها خرب التخلف والمتخلفين، والوصف أطلقه العلاّمة الراحل محمد حسين فضل الله على الحرب التي دارت رحاها عام ١٩٨٧ بين ابناء الصف الواحد.

بالنسبة الى لبنان المصادر الحكومية تتوقع الافضل في ظل المتغيرات الاقليمية المائلة نحو الايجابية، لكنها لا تكتم قلقها حيال مستوى تفهم الاشقاء، لظروف لبنان، وللأخطاء الواقعة على العلاقات معهم، والوصف للرئيس تمام سلام.

ومنشأ القلق ان الاستقرار في لبنان اشبه بمخزن اخشاب يمكن اشعاله في اي وقت، فالجميع يريد مصلحته، لكن لا أحد يقبل أن يدفع شيئاً بالمقابل!

وحتى الخطر المتصل بالاجراءات الخليجية الناشئة عن توصيف حزب الله منظمة ارهابية، لم توفق الحكومة الى اعتماد موقف اجماعي ينطوي على اعتذار ضمني على الاقل يمكن ان يحظى بقبول الدول الشقيقة العاتبة على الغلط الحاصل.

علماً أن نار المشاعر لا يخمدها الزمن، وقد تلحق شظية بعين الانسان، فتعميها ومن هنا القول المأثور: طالما ان الدخان يخيفك فلماذا تشعل النار؟