جلسة حوار بلا قرار، لكن مجلس الوزراء الذي توّج اللقاء الحواري الأول، أثمر اقراراً لخطة النفايات التي أعدّها وزير الزراعة أكرم شهيب دون مقابل سياسي مع ذاك الذي يطالب به الفريق الوزاري الممانع، ترضية لحسابات شخصية معروفة.
وبحسبة بسيطة، يستطيع كل طرف معني ان يعتبر نفسه رابحاً… صاحب طاولة الحوار الرئيس نبيه بري الذي لولا الحلقة الحوارية في ضيافته، لما كانت جلسة مجلس الوزراء التي أثمرت إقرار خطة النفايات، ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام الذي لولا صبره وطول أناته لما أمكنه جمع مجلس الوزراء وإن بنصف حضور من جانب حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، وأخيراً الحراك المدني على اختلاف حملاته، والذي لولا خروجه الى الشارع ومناداته بسقوط الحكومة ثم بعض الوزراء، ثم النظام بكامل مداميكه، لما استيقظ النيام على ريش النعام، ولما أصبح للنفايات خطة تتولى أمرها، ولا أصبح الاستحقاق الرئاسي تاجاً على رؤوس جداول الأعمال الحوارية والدستورية…
مصادر نيابية توقفت أمام ملاحظات الملاحظين، الذين سجلوا على جلسة الحوار الأولى المرور على الاستحقاقات الملحة مرور الكرام، ورأت ان جلسة الافتتاح أعطت ما هو مطلوب منها، ألا وهو تكريس أولوية انتخاب رئيس الجمهورية، على أي ملف آخر، فالحوار المطروح الآن سقفه تدعيم مقومات الاستقرار، حماية للأوضاع من الانفجار، بانتظار الفرج الدولي…
والانتظار المطلوب مرتبط بالتحولات الاقليمية والدولية من حولنا، وجديدها التفرّد الروسي المباشر بالدخول على خط دعم النظام السوري، بما يبدو من خارج نطاق الشراكة مع ايران. فقبل وضوح صورة وحدود هذا الدخول الروسي، سيتعذر اخراج لبنان من تلك الدوامة.
وطبيعي ان الدخول الروسي سوف يستدرج تدخلاً أميركياً، غير مباشر بالتأكيد، وفي هذه الحالة لا بد من ان تطال شرارة هذا الوضع السوري لبنان.
المصادر الدبلوماسية، تتناول التطور الروسي غير المسبوق بقراءات متعددة، فثمة من يستبعد دخولاً روسياً حاسماً، لما فيه من مخاطر تجدّد الحرب الباردة بين الجبارين، والرأي الاقرب الى المنطق، هو ان الرئيس بوتين شعر بالوحدة، منذ توقيع ايران الاتفاق النووي مع الغرب، وتزايد احتمالات تغييرها الاتجاه… ومن القراءات من يتوقع ان تكون غاية بوتين من الانغماس المباشر في المستنقع السوري، تحقيق اوراق ضاغطة برسم التوظيف على الجبهة الاوكرانية، أو على محور الاسعار العالمية الهابطة للنفط والغاز، والتي تتحمل المسؤولية الكبرى عن التراجع الحاصل في الاقتصاد الروسي…
ويبدو في هذا السياق ان الانفتاح الخليجي على موسكو لم يثمر، بسبب تمسك موسكو بالنظام السوري، بذريعة مكافحة الارهاب المتطرف، بجذوره الممتدة، أو القابلة للتمدد الى داخل الجمهوريات الروسية الآسيوية.
بعض الاوساط الدبلوماسية تذهب الى حد الخشية من ان يقود الصراع الدولي المستجد، القيصر الروسي الجديد، الى السير على خطى اسلافه السوفيات الذين زحفوا بجحافل الجيش الاحمر على افغانستان لحماية نظام حليفهم نجيب الله، وكانت الحصيلة وقوع السوفيات بتجربة الاميركيين في فيتنام، في أشرس معركة خاسرة، جرفت مع الوجود العسكري السوفياتي في افغانستان، المنظومة السوفياتية، من اساسها…
من هنا، النصيحة الدولية والعربية للبنانيين بأن يعالجوا مشاكل استحقاقاتهم بالحوار، فعداه اللعبة ليست ممتعة، ولا سليمة العواقب.