هوامش – بقلم ميرفت سيوفي –
يتسكّع لبنان قليلاً اليوم على ابواب مجلس الأمن الدولي، جلسة بدون طائل ولن توصل إلى مكان، بالكثير تصعيد كلامي وتشديد على احترام مندرجات القرار 1701 فوق الأرض وتحت الأرض، وستمضي الأمور وسيبقى الحال على ما هو عليه!
مكمن المشكلة الحقيقي ليس في تمدّد أنفاق حزب الله تحت الخطّ الأزرق، ولا في غيبوبة الدولة اللبنانيّة وإصرارها على إقناع دول العالم بأنّها تلتزم القرارات الدوليّة، مكمن المشكلة أنّ هذه الدولة تخون نفسها وبعلمها وتتواطأ على نفسها أيضاً وتتماهى إلى أبعد الحدود مع «الخديعة» الكبرى التي اخترعتها لغتها المطّاطة في بياناتها الوزارية مصدّقة أكذوبة «ثلاثيّة وهميّة» تجمع الشعب مع الجيش والمقاومة، والحقيقة أنّ الشعب هنا هو «البيئة الحاضنة» فقط، وباقي الشعب لا اعتبار لرأيه الرافض لدويلة وسلاح يخطف دور الدولة ويصادره ويتحكّم بمصيرها أيضاً!
مكمن المشكلة الحقيقي عالق في نفق بين واشنطن وطهران، المواجهة الحقيقيّة يجب أن تخاض مع طهران، لبنان مجرّد واجهة وحلقة ضعيفة في هذا الصّراع، وللمناسبة الدول المارقة لا حلّ معها ولا لها، دولة مثل إيران قام نظام الملالي فيها على الإرهاب والتفجير والعمليات الانتحاريّة وخطف الطائرات وتفجير السفارات وخطف الرهائن ومعظم هذه مارستها على الأرض اللبنانية منذ العام 1983 ولم تجد وقتها من يردّها، ولا تزال اليوم لا تجد من يردّها، وأميركا رونالد ريغان التي هربت من مواجهة طهران في الثمانينات ورضخت لها بـ»إيران غيت»، لا تزال عاجزة عن مواجهتها، وإسرائيل العاجزة عن مواجهة طهران، والعالم العربي مجتمعاً عاجز عن مواجهة طهران، ليس لأنّ إيران دولة عظمى كما تحبّ أن تعتقد نفسها، بل لأنّها دولة مارقة عندها قدرة تخريبيّة على نشر الإرهاب في العالم!
مسكين لبنان الدولة والشعب، سيشرّحونه اليوم على طاولة مجلس الأمن، لكن كلّ الدول المجتمعة لن تجد حلاً لمعضلته الكبرى مطلوب من لبنان أن يكون دولة قويّة فيما تعجز الدول عن مواجهة طهران، وتعجز اسرائيل مواجهة ذراع إيران في لبنان، فيما مطلوب من لبنان العالق بين أرجل لاعبي العالم أن يكون دولة ذات سيادة، فيما الجيش اللبناني الذي تحترمه دول العالم لما رأت من قدراته القتالية العظيمة والدقيقة والإنسانية أيضاً، فنتحسّر على شباب أبنائه عندما تستهدفهم عصابات تجار المخدّرات لأنّهم أخذوا على عاتقهم إعادة الأمن المفقود في البقاع وبعلبك وحيّ الشراونة!
بحسب رأينا، علاج طهران لا يكون إلا بالكيّ، هذا آخر الدّواء، فالاستمرار بهذه المنهجيّة العقيمة في انتظار انهيار النظام من الداخل مملّة واحتاجت عقوداً من الزّمن ولم توصل إلى نتيجة، حظّ لبنان السيىء وتخاذل العرب وتسليمهم لبنان لنظام الأسد أوصلت المنطقة إلى ما وصلت إليه!
لن يفعل مجلس الأمن الدولي شيئاً للبنان، سنسمع خطاباتٍ، سنشاهد تصويتاً، مع ملاحظة أنّ التنسيق على أشدّه بين روسيا وإسرائيل التي أطلعتها بالتفصيل على ملفّ الأنفاق بما يتيح تفسير هذه الخطوة أنّها استبعاد للڤيتو الروسي متى ما حانت لحظة التصويت، ولكن لا ينتظرنّ أحد الكثير من هذه الجلسة.
لبنان، وبمنتهى الأسف، لن تحلّ عقدته مع حزب الله، إلا متى قرّر العالم أن يحلّ عقدة إيران وأن يحسن التعامل هذه المرة مع دولة مارقة، فلا يرضخ لابتزازها الإرهابي!