كل شيء مؤجل ولبنان لا يزال في غرفة الانتظار ريثما تتبلور صورة المشهد الاقليمي المتحرك راهنا على النحو الآتي:
أولاً – يتوازى التصعيد العسكري في سوريا مع حركة نشطة على الصعيد الديبلوماسي، فمحركات المبعوث الدولي ستيفان دو مستورا عادت تدور بعد صدور “خطة سياسية” عن مجلس الامن، وتتحدث عن “اطلاق عملية سياسية تقود الى انتقال سياسي، على ان تتمتع هيئة حكم انتقالي بكل الصلاحيات التنفيذية”. وتستند الى مرجعية “جنيف – ١” انما من دون تحديد مصير بشار الاسد. لكن الواضح ان موسكو تتحرك على خط حل سياسي تحت انظار واشنطن، وتعمل على تنظيم “جنيف – ٣”. اما الارض فتتحرك على وقع الحركة السياسية اي أنها راهنا تشبه حرب المواقع في انتظار تطور المسار السياسي. ولذلك تغيب التطورات الحاسمة عسكرياً.
ثانياً – في العراق تطور كبير مع “انتفاضة” رئيس الحكومة حيدر العبادي على تركيبة حكم رئيس الحكومة السابق نوري المالكي التي ورثها قبل عام، خصوصا بعد تقدم تنظيم “داعش” قبل اشهر في منطقة الانبار، ويحظى العبادي بدعم المرجع الاعلى السيد علي السيستاني في مواجهة المالكي الذي تحتضنه طهران.
ثالثاً – التطور الأبرز هو الحاصل في اليمن مع تحرير عدن وعدد من المحافظات الجنوبية، وضغط حملة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي الشرعية عسكرياً في اتجاه العاصمة صنعاء، بينما تتراجع قوات الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح، مما اعاد في مرحلة اولى التوازن على الارض. والتقديرات تشير الى ان القوات الشرعية مدعومة بالتحالف العربي – الدولي اصبحت في طريقها الى حسم معركة صنعاء، وهذا التطور بالتحديد يعتبر ضربة موجعة للايرانيين الذين يراقبون إخفاق محاولة الاستيلاء على اليمن.
هذه العوامل مضاف اليها قرب تصويت الكونغرس على الاتفاق النووي بأكثرية مؤيدة متواضعة، يحيل الملف اللبناني الى مرتبة متأخرة في الاهتمامات. لذلك يبدو التغيير مستبعدا على صعيد الاستحقاق الرئاسي الذي اصبح خارجيا بامتياز. ولن يخرجه من عنق الزجاجة سوى اتفاق اقليمي كبير برعاية اميركية توصل مرشحا مقبولا من جميع الفئات ولا يشكل تحديا لأي جهة داخلية مرتبطة بنزاع اقليمي. وهذا ينطبق على بقية الملفات اللبنانية مثل تعيين قائد جديد للجيش بعد انتهاء مدة الولاية الممددة للقائد الحالي، اذ تنتهي مهماته في شكل شبه اوتوماتيكي مع انتخاب رئيس جديد. فإما يصير جان قهوجي الرئيس ويخلي موقعه في القيادة، او يضع استقالته بتصرف الرئيس الجديد والحكومة المقبلة. اما العماد ميشال عون فلا رئاسة ولا قيادة جيش يمكن ان يحصل عليهما، بل مكاسب وزارية مصلحية على جاري العادة منذ سنوات.
في الانتظار مسموح أن تمر صفقات النفايات على قاعدة إعادة توزيع “الكعكة” لإدخال من لم يدخل بعد الى “جنة” النفايات. ومسموح أن تمر صفقات أخرى لا تؤثّر في المعطى الاقليمي.
ويبقى الشعب اللبناني كما كان… مخدّراً!