Site icon IMLebanon

لبنان يصرّ على مفاوضات ترميم مكتوبة وسريعة

 

يسعى لبنان الى استئناف مفاوضات ترسيم الحدود البريّة والبحرية مع العدو الإسرائيلي، ويصرّ هذه المرّة على ضرورة إنهائها في أسرع وقت ممكن لكي يتمكّن من تأمين الأرضية المناسبة الهادئة والمستقرّة لتحالف الشركات الدولية للبدء بأعمال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعيين واستخراجهما في المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة له. وقد نقل موقف الحكومة اللبنانية هذا، رئيسها سعد الحريري الى المسؤولين الأميركيين خلال زيارته الأخيرة الى واشنطن، على ما نقلت مصادر سياسية عليمة، مشدّداً على أنّ الترسيم هو مطلب لبناني قبل أن يكون «إسرائيلياً»، وذلك لأنّ الحركة المكوكية التي قادها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدتى بالوكالة دايفيد ساترفيلد بين شهري حزيران وتموّز المنصرمين خلصت الى الإدّعاء بأنّ لبنان يُعرقل الترسيم وليس العدو الإسرائيلي، إذ لوّح الوسيط الأميركي بتحميل لبنان مسؤولية عدم الإستجابة لمطالبه وللمطالب «الإسرائيلية»، وواجهه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي بأنّه في حال حصول ذلك، سيصدر بياناً يتهم فيه واشنطن بالمماطلة في موضوع خطير وحسّاس مثل الترسيم الحدودي.

 

ولهذا، يتمسّك لبنان اليوم، بعد أن توقّفت المفاوضات غير المباشرة بين الجانب اللبناني والعدو الإسرائيلي عند موضوعي الربط بين الترسيم البرّي والبحري ومدّة التفاوض، بأمرين، على ما أكّدت المصادر، أولهما، أن يُصار الى صياغة كلّ ما جرى التوافق عليه حتى الآن خلال وساطة ساترفيلد، وما سيجري في أيلول المقبل خلال استئنافها مع خلفه، في ورقة مكتوبة، بدلاً من الإبقاء عليه شفهياً، سيما وأنّ إسرائيل لا يُمكن الركون اليها أو الوثوق بها. كذلك لكي يضمن لبنان حقّه برّاً وبحراً أثناء المفاوضات خصوصاً وأنّ العدو الإسرائيلي قد بدّل موقفه في نقاط عدّة من دون أن يُتهم من قبل الوسيط الأميركي بانّه يعيق حسن سير المفاوضات أو أنّه يُراوغ ولا يريد الترسيم فعلياً.

 

ثانيهما، أن يقوم مساعد وزير الخارجية الأميركي بالاصالة ديفيد شينكر، أي الوسيط الأميركي الجديد في المفاوضات مع العدو الإسرائيلي (على ما كانت أكّدت أوساط ديبلوماسية عليمة في وقت سابق لجريدة «الديار») بإستئناف المفاوضات وإنهائها في أسرع وقت ممكن. فهذا الأمر يهمّ لبنان كثيراً سيما وأنّ عمل الكونسورتيوم النفطي سيبدأ في البلوك 4 في 12 كانون الأول المقبل، ليليه بعد ذلك في البلوك 9 الذي يدخل ضمن الرقعة البحرية المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي، والتي تعود بكاملها للبنان وتبلغ مساحتها 860 كلم2.

 

وتخشى المصادر نفسها من أن يؤدّي اعتماد شينكر المعروف بأنّه يهودي متطرّف ومتشدّد أكثر من سلفه ساترفيلد الذي تعثّر في مهمّته الأخيرة، للوساطة بين لبنان و«اسرائيل» الى تعقيد المفاوضات بدلاً من تسهيلها، وإجرائها وإنهائها سريعاً، على ما يُعوّل لبنان. غير أنّها كشفت بأنّ اجتماعه الأول المقرّر في مطلع أيلول المقبل مع الرئيس برّي المكلّف بمتابعة موضوع الترسيم البرّي والبحري شخصياً، سيكون بمثابة النموذج الأوّلي لما ستكون عليه المفاوضات فيما بعد.

 

وشدّدت المصادر على أن لبنان يريد الربط بين الترسيم البرّي والبحري، في ظلّ حديث الوسيط الأميركي عن عملية السلام في المنطقة. والتوافق على الترسيم البرّي لا بدّ وأن يتضمّن مطالبة لبنان من العدو الإسرائيلي بتطبيق القرار 1701، كما يترافق ذلك مع ضرورة تنفيذ بند الإنسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلّة ولا سيما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر.

 

وتقول المصادر بأنّ العدو الإسرائيلي يستعجل أيضاً بدء المفاوضات وإنهائها سريعاً ليس للتوسّع فقط في عملية التنقيب واستخراج النفط والغاز في منطقته البحرية، وإنّما أيضاً لتسويقهما سريعاً في ظلّ منافسة دول المنطقة له فيما تختزنه من هذه الثروة الطبيعية. وهذا الأمر يستوجب بالنسبة اليه خوض السباق لعقد الإتفاقات الدولية وإبرام عقود البيع والنقل، وهو ما يقوم به حالياً لكي يستفيد من الوقت الضائع. فهل سينجح لبنان في المحافظة على حقوقه البريّة والبحرية كاملة ضمن السيادة اللبنانية.