في كل عام مثل اليوم تستعيد الذاكرة الارمينية المأساة الكبرى التي تعرّض لها الارمن في العام 1915 على يد العثمانيين وكانت معظم الطوائف في لبنان تشارك اللبنانيين الارمن في هذه المناسبة تضامنا معهم اولا كأبناء وطن واحد وثانيا لأن اللبنانيين في ذلك العام المشؤوم تعرّضوا مثل الارمن والسريان الى عمليات قتل واعدام وتجويع قريبة جدا من مفهوم كلمة الابادة، لأن حوالى نصف سكان جبل لبنان وبعض المناطق الاخرى قضوا جوعا بسبب الحصار الذي فرضه العثمانيون عليهم اولا، وبسبب ارنال الجراد التي اجتاحت مناطق الجبل، وأكلت الاخضر واليابس، دون ان يهتم الاحتلال العثماني بمكافحته، وما زلت اذكر نادرة كانت ترددها المرحومة جدتي التي عاشت هجمات الاتراك والجراد على السواء وجاعت كما جاع اولادها مثل غيرهم انه قيل لجمال باشا السفّاح الحاكم العثماني يومها على لبنان وسوريا، ان اللبنانيين يموتون من الجوع بالآلاف فسألهم، هل بدأت الامهات يأكلن اطفالهن، ولما اجابوه بالنفي، قال «اذن ليس هناك مجاعة» ولأن ابادة الارمن والسريان واللبنانيين، اصبح عمرها مائة سنة، فان استعادة هذه الذكرى الموجعة لها نكهة خاصة في هذه الايام، حيث يتعرّض المسيحيون في العراق وسوريا ومصر وليبيا ونيجيريا واماكن اخرى عديدة على يد تنظيم «داعش» التكفيري، وباقي التنظيمات التكفيرية الى القتل والذبح والتهجير وتدمير كنائسهم وسلب بيوتهم وممتلكاتهم، وبينهم ارمن وسريان هربوا من المذبحة العثمانية الى سوريا ولبنان وفلسطين ودول اخرى قريبة وبعيدة، فوقعوا في يد احفادهم الداعشيين التكفيريين في عمليات قتل وتعذيب واغتصاب تحمل جميع ملامح المجازر والابادة، والمؤسف ان المتعصّبين والمتزمتين وحلفاء «داعش» في الداخل، قامت قيامتهم على احتفالات هذه السنة، انتصارا للعثماني الذي علّق على المشانق نخبة من اللبنانيين الابطال بينهم سبعة شهداء سنّة، احدهم شيخ معمّم هو الشيخ يوسف الاسير، انطلاقا من خلفية طائفية بشعة، جعلتهم يبرّرون للعثماني قتل الارمن والسريان، ويشككون بحصول الابادة ارضاء لدولة هي في المفهوم الوطني، دولة اجنبية، فكيف يمكن لانسان ان يؤثر اجنبيا على ابن بلده؟
ان المسلم المتديّن، هو انسان حقيقي، يؤمن بالحق والخير والرحمة، والله عنده «رحمن رحيم» والمتدينون هم الاكثرية الطاغية في الاسلام، ولكن المشكلة انهم لا يتحركون بالسرعة المطلوبة لاثبات وجودهم في مواجهة الشر.
تركيا وايران دولتان اجنبيتان… لبنان اولى بالانتماء.