Site icon IMLebanon

لبنان… ولاية إيرانيّة؟!

بعضهم يصر على ان يكون لبنان…مهرجان العبيد!

وبعضهم الذي يدافع فولكلوريا، واحيانا بهلوانيا، عن العرب لا يجد سوى المصالح ما يجمعنا. التحويلات وحدها، فرص العمل وحدها، ماذا حلّ بالجذور، وبالتاريخ، وباللغة، وبالتراث يا سيدتنا زرقاء اليمامة؟

هكذا كنا بحاجة الى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لنثبت للعرب ان بلدنا عربي الهوية والانتماء، عربي الهوى ايضا. أليس التصدع العربي، والوهن العربي، والغياب العربي الذي لم يتمكن حتى من تسويق مبادرة ديبلوماسية صيغت بأنامل مخملية في اروقة نيويورك، هو من جعل الايرانيين والاتراك والاميركيين والروس، وكل امم الدنيا، يصبحون في عقر دارنا؟

لا يمكن لاي لبناني ان يكون ايرانيا. كفى اولئك الذين تراهم في سوق النخاسة، وهم يقرعون الطبول بتلك الطريقة التي ينتفي فيها الحد الادنى من الكبرياء والحد الادنى من الرقي السياسي والاخلاقي…

نحن عرب، ومن الطبيعي ان نختلف في النظرة حين نرى انفسنا كيف نأكل بعضنا البعض، وكيف نقتل بعضنا البعض، فيما فلسطين التي وصفها رجل مثل الفيلسوف الفرنسي جان جينيه بـ«جرح الالهة» قتيلة امام الملأ، معذبة امام الملأ، تائهة امام الملأ…

لا بل ان اليهودي، اجل اليهودي الاميركي بن نورتون يقول انهم يقتلون الفلسطيني اذا ما حمل وردة، لا سكينا، الى حبيبته في عيد العشاق.

ما يجمعنا بأهل الخليج انهم اهلنا. كلنا نقول اننا إن لم نأت من جنوب الجزيرة، نكون اتينا من قلبها. لا داعي لذلك التهريج السياسي الذي يمارسه البعض، لكننا حاليا في ظروف قاتلة. التعبئة السياسية، والتعبئة المذهبية، وحتى التعبئة الاتنية، في ذروتها.في هذه الحال، كلنا داخل المتاهة…

الخليجي شغف بلبنان. يسألك عن احوال القمر، وعن احوال الهواء. يسألك في السياسة عن تفاصيل التفاصيل، وتعجب انه شغف حتى بـ«وجع القلب» في لبنان. هو من شعر بالعنفوان حين دحر اللبنانيون، اللبنانيون وحدهم، وبتلك الايدي العارية والرائعة، يوشع بن نون الذي احفاده كانوا ينتحبون في وادي الحجير وما ادراك ما وادي الحجير…

لسنا بحاجة الى كل تلك الحرفية اللغوية لنثبت اننا عرب وان ما يجمعنا هو القلب، هذا لا يمنع من ان نسأل: اين العرب؟

المملكة العربية السعودية هي من تقول بالتقاطع بين العروبة والاسلام (اين العروبة واين الاسلام في زمننا الراهن؟). وحين اشتعلت بعض الرؤوس عندنا، وبلغة المصالح لا اكثر ولا اقل، وبلغة التبعية لا اكثر ولا اقل، قيل ان عروبة لبنان في خطر، وان لبنان (يا للمهزلة) سيتحول الى ولاية ايرانية؟

ذروة الغباء ام ذروة النفاق؟ بالرغم من كل التردي الذي نعيشه،روح لبنان عربية، وتراب لبنان عربي، والبندقية التي تقاتل اسرائيل، وتخيف اسرائيل، لا يمكن الا ان تكون عربية…

عربيا، ممنوع الهجوم على المملكة العربية السعودية. هذه تبقى وجهة نظر سياسية في ظل الافتراق الراهن. اسلاميا، احدهم على موقع للتواصل الاجتماعي عمد الى احصاء موثق تبين فيه انه مقابل كل هجوم على المملكة من سياسي لبناني، ثمة 252 هجوما على ايران على انها بلاد المجوس، وبلاد الفرس، لتغدو الحرب هكذا عربية- فارسية. اين كلام الرسول العربي في هذه الحال؟

هل ذاك الذي يحدث في ليبيا، وحتى في مصر، وحتى في تونس، وفي فلسطين بطبيعة الحال، يندرج في معادلة الفرس والعرب؟

لا يمكن لاحدنا ان يكون ايرانيا، لكننا لا نستطيع ان ننفي ما فعلته ايران لمساعدتنا على اجتثاث الاحتلال من الجنوب ومن البقاع الغربي. لا خطر اشد هولا من الخطر الذي تمثله اسرائيل، بحمولتها التوراتية، وبحمولتها التلمودية. لا اثر لهذا الخطر في يومياتنا الا من قبيل رفع العتب..

قطعا، حين نمتنّ للايرانيين، نقول بالفم الملآن لا يمكن ان نكون ايرانيين (هل يحتاج ذلك الى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء؟)، ولا يمكن ان نكون ولاية ايرانية. هناك صراع ليس بين الايرانيين والعرب بل بين العرب والعرب. القتلة العرب، الى اي فئة انتموا،والقتلى عرب الى اي فئة انتموا.

في لبنان نحن محوران، فريقان، كما كل العرب. التقينا داخل مجلس الوزراء. فجأة يبدأ الكرنفال الاخر. عريضة بمليون توقيع. يا جماعة اسمعوا وعوا. علاقتنا بأهلنا في الخليج اعمق بكثير من ان تكون علاقة مصالح وعلاقة مواقع وعلاقة عرائض. كرنفال…