Site icon IMLebanon

لبنان بلد القدّيسين.. والشياطين !!

اغلب الظن ان السيّد هاني فحص، اختار طوعاً وبملء ارادته، ان يذهب في غيبوبة موقتة، «باذن الله»، حتى لا يرى وطنه الذي احبّ، محكوماً بالفراغ الكامل والارباك المميت، والعقم العقلي، والارادة المصادرة، والمصالح الشخصية، والسلاح الداشر، والتبعية المهنية.

لم يعد هاني فحص، يطيق ان يسمع اسلاماً منحولاً، ولا آيات مشوّهة، ولا تبريراً كاذباً، لجهاد قطع الرؤوس، والمذابح الجماعية، واغتصاب النساء، وقتل الاطفال، وتهجير الابرياء، باسم الدين والله والانبياء.

هذا الانسان، الواقف ابداً حارساً للحرية، والكرامة الانسانية وقبول الآخر، ومحبة الغير، وانتفاضات الشعوب طلباً للحقوق، قرر الاّ يبقى واعياً ليرى فظاعات من ينحر هذه القيم ليبقى سيداً على جماجم ابرياء «حرّم الله قتلهم..»

هاني فحص.. انا اليوم اغبطك على اجازتك هذه، بعيداً من الكلمة السخيفة، والقرار الغلط، والمكابرة الجوفاء، والايغال في هدم جدران الحوار والعقل الراجح، والاعتداد الموتور، ولكن كل رجائي وصلواتي الآن ان تنهي اعتصام ابتعادك عنّا، لأن لبنان وشعبه ما زالا بحاجة الى هاني فحص ومن هم من طينته، وعلى مثاله، خصوصاً في هذه الأيام الصعبة.

******

لا استطيع ان اتصوّر، ان بلداً مثل لبنان، مهدد بكيانه، واستقلاله، وسيادته، وأمنه، واقتصاده، ووجوده حتى، لا يتدافع ابناؤه، وخصوصاً القادرون منهم والموجودون في مراكز المسؤولية الرسمية والشعبية، على بذل المستحيل لاخراجه من محنته هذه، او على الأقل، التخفيف منها، ليبقى قادراً على الوقوف في وجه الاخطار التي تهدده، ولا يحميه منها، سوى التوّحد والتضامن والالتفاف حول الدولة ومؤسساتها الشرعية، وعدم تركه طعماً للفراغ وعدم المسؤولية واللامبالاة، والحسابات الشخصية والفئوية الضيّقة.

ما يحصل في لبنان.. كبير جداً، ومعيب جداً، ومحزن جداً، وكأن سياسة البحث عن جنس الملائكة التي مورست منذ آلاف القرون تستنسخ اليوم في لبنان، حيث الاعداء الكثر الطامعون بلبنان يطلقون نفير الحرب في كل الحدود، ونحن في الداخل لاهون، بتدبير المكائد وتلفيق الاخبار والروايات، والبحث عن المغانم المادية والسياسية، والغرق في تفسير الدستور والقوانين، وترك فيروس الفراغ يفتك بالمؤسسات العامة، بدءاً برئاسة الجمهورية مروراً بمجلس النواب ومجلس الوزراء، وصولاً الى جميع المؤسسات الاخرى، حتى مؤسسة القوى العسكرية من جيش وقوى أمن، واذا كانت دورة الزمان تمرّ بسبع سنوات عجاف يتبعها سبع سنوات سمان، كما جاء في كتاب العهد القديم، الا اننا في لبنان، وبفضل معظم هذه الطبقة السياسية التي تحكم لبنان منذ عقود، ما زلنا نعيش سنوات عجافاً طويلة، وليس هناك في الأفق ما يدل، بفضل هذه الطبقة، ان السنوات السمان في الطريق الينا.

الاقتصاديون يحذّرون، واصحاب المصارف خائفون، والطبقة المتوسطة، على قلة عددها، مرعوبة من المستقبل، والفقراء المعدمون اصبحوا اصدقاء الليل وحتى النهار، لمكبّات النفايات، التكفيريون القتلة على الأبواب، واولادنا اما الى ابواب السفارات، واما الى فم تنين الارهاب والرذيلة، ومع ذلك هناك من خدر العقل في رأسه واخذ يعمل على تقويض كيان اراده الاجداد وطناً يتمنى كل واحد منا ان يكون له فيه مرقد عنزة.

لبنان هذا، بقدر ما هو وطن القداسة والقديسين، هو ايضاً «ببركة» البعض، بدأ يتحوّل الى وطن «الشيطنة» والشياطين، واذا لم ينفذ سريعاً، فعلينا وعليكم وعلى لبنان السلام.