IMLebanon

لبنان يترقّب بقلق أحداث الخليج ويخشى تمددها نحو المنطقة ككل

 

تداعيات سياسية وإقتصادية تتطلب توافقاً داخلياً استثنائياً لتفادي سلبياتها

 

 

«الاستهداف الإيراني لدول الخليج العربي عامة والمملكة العربية السعودية في مقدمتها من خلال التلطي خلف يافطة «الحوثيين»، محاولة إيرانية مكشوفة للرد على الحصار»

 

 

يزداد منسوب القلق في لبنان جرّاء تصاعد وتيرة العنف والتهديدات والاعتداءات الإرهابية المنظمة ضد دول الخليج العربي وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، باعتبارها الركيزة الأساس لهذه الدول وللمنطقة ككل، وتتعاظم المخاوف من إمكانية توسع التصعيد الحاصل ويتحول إلى حروب متنقلة أو بالواسطة، ليطال دولاً أخرى في المنطقة كلبنان مثلاً، بفعل وجود «حزب الله» الذي يعلن باستمرار تبعيته للنظام المذكور وينفذ سياساته وخططه الهدّامة، كما فعل في العديد من الدول العربية الشقيقة التي ما تزال ترزح وتعاني جرّاء التدخلات الإيرانية الفظّة في شؤونها وتستنزف مواردها وقدراتها في حروب مذهبية لا تنتهي.

 

ومبعث القلق ان لبنان الذي تحكمه روابط وعلاقات سياسية واقتصادية وتعاون متبادل مع دول الخليج العربي على مختلف الصعد منذ زمن طويل، يتأثر سلباً بأي تصعيد عسكري أو استهداف لأي دولة من هذه الدول، ليس سياسياً فحسب باعتبار ان فئات واسعة من اللبنانيين تعارض كلياً التدخل الإيراني في المنطقة العربية ولبنان بالذات، وإنما تتأثر سلباً مصالحها وعلاقاتها الاقتصادية جرّاء ما تقوم به إيران من اعتداءات مكشوفة ضد أي دولة عربية، في الخليج أو غيره، وهذا الضرر يتأثر به لبنان ككل، باعتبار ان مصالح اللبنانيين العاملين في دول الخليج العربية ترفد الاقتصاد اللبناني بعوامل ومقدرات مادية تساهم مساهمة فعّالة في انعاشه وتقويته والنهوض به، في حين ان الاعتداءات الإيرانية التي تستهدف حالياً عصب الاقتصاد السعودي والخليجي، ستؤدي حتماً إلى الارتداد سلباً على مداخيل اللبنانيين بدول الخليج العربي وبالتالي تحرم الاقتصاد اللبناني رافداً مهماً من مصادر الدخل التي كان يرتكز إليها وتحرم فئات من اللبنانيين من الاستعادة منها ولو بشكل غير مباشر.

 

فالاستهداف الإيراني لدول الخليج العربي عامة والمملكة العربية السعودية في مقدمتها كما حصل خلال السنوات الماضية وما يحدث حالياً من خلال التلطي خلف يافطة «الحوثيين»، ما هو الا محاولة إيرانية مكشوفة للرد بشكل غير مباشر على الحصار الخانق الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركية منذ أشهر على النظام الإيراني الذي لا يجرؤ بدوره على استهداف الأميركيين بشكل مباشر لخشيته من الردود الأميركية العسكرية المدمرة، ولذلك يلجأ حالياً للتعدي على حلفاء وأصدقاء الولايات المتحدة بالواسطة، آملاً ان يؤدي هذا الاستهداف إلى ممارسة ضغوط على الإدارة الأميركية لكي تتراجع أو تخفف الضغوط عنه أو تنصاع لبعض مطالبه أو حتى فتح حوار مباشر معه.

 

ولكن الواقع المستجد في الخليج جرّاء تصاعد وتيرة الاعتداءات الإيرانية المموهة على مصافي النفط بالسعودية هذه المرة، فتح الأبواب امام تصعيد غير مسبوق ينذر بردود فعل مفتوحة على كل الاحتمالات ومنها المواجهة العسكرية مع ما ينجم عن ذلك من تمدد ليطال مناطق أخرى، تضم حلفاء للعرب الخليجيين وللولايات المتحدة الأميركية في المنطقة ويخشى ان تطال شظاياها لبنان هذه المرة بفعل وجود «حزب الله» فيه وإسرائيل على حدوده الجنوبية.

 

فما يحصل من تطورات مقلقة في الخليج بعد الاعتداءات الإرهابية المنظمة، على مصافي النفط السعودية، ستكون له ارتداداته السلبية وتداعياته الخطيرة، ليس على الصعيدين الأمني والعسكري فقط، بل الاقتصادي أيضاً وستتأثر به كل دول المنطقة العربية ولبنان من ضمنها بالطبع إذا لم يتم احتواءه في أسرع وقت ممكن ووضع حدٍ له.

 

ولبنان الذي يُعاني اقتصاده حالياً من خللٍ ويستوجب جهوداً وحلولاً مبتكرة للتخفيف من وطأته وآثاره على اللبنانيين، سيتأثر بالطبع من تدهور الأوضاع الاقتصادية جرّاء أزمة الخليج، وتزداد معاناة اللبنانيين وخصوصاً العاملين بالخليج منهم، ولا بدّ من التحسُّب لما يحدث واتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات الضرورية، لتفادي الانعكاسات السلبية التي قد تحصل في حال استفحلت الأوضاع السائدة حالياً نحو الأسوأ.