IMLebanon

لبنان يُطبّق النأي بالنفس على اليمن ويؤيد إنشاء قوة عربية مشتركة

نفّذ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل مهمتين ديبلوماسيتين: الاولى في شرم الشيخ والثانية في نيويورك، فالعودة الى شرم الشيخ لاستكمال المهمة في مدة زمنية هي 74 ساعة مجتازا 11600 ميل لإلقاء كلمة لبنان التي استغرقت 11 دقيقة تقريبا. نورد تلك التفاصيل اللوجيستية، لأن ما من وزير خارجية رافقناه منذ سنوات لتغطية زياراته الرسمية، كان له مثلها، حتى أن وزير خارجية الاردن ناصر جودت أبدى استغرابه عندما ابلغه باسيل انه متوجه الى نيويورك وعائد الى الشرم لحضور القمة، فسأله “ألديك صاروخ لهذا الانتقال السريع؟”.

بدأت المهمة الاولى في المنتجع المصري بتمثيل لبنان في مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي مهّد للقمة العربية الدورية الـ26 الخميس الماضي. اما الثانية ففي نيويورك. وكان شارك في اليوم الاول من مؤتمر وزراء الخارجية العرب في الشرم وتوجه الى نيويورك تلبية لدعوة من نظيره الفرنسي لوران فابيوس الذي دعا الى مناقشة الموضوع الذي اختاره بصفة بلاده الرئيسة الدورية لشهر آذار وهو بعنوان “ضحايا الهجمات وابتزاز العرقيات والأديان في الشرق الاوسط”.

وكان باسيل ناقش أسباب التوترات الطائفية التي يعيشها الشرق الاوسط وباتت تهدد الامن والاستقرار الدولي والاقليمي، وذلك مع كل من وزراء خارجية فرنسا فابيوس وإسبانيا خوسيه غارسيا مارغايو اي مارفيل ووزير التعاون الدولي البريطاني تودياس إلوود ووزير الخارجية النمسوي سيباستيان كورتز بعد إلقاء كلمة لبنان في مجلس الامن حول مأدبة غداء دعا اليها فابيوس في مقر “معهد السلام الدولي” القريب من مبنى الامم المتحدة، ومناقشة اسباب التوترات الطائفية التي يعيشها الشرق الاوسط والتي باتت تهدد الامن والاستقرار الإقليميين.

قدّم باسيل شرحا تاريخياً لما كان يجري فقال: “ان تحفيز هجرة المكونات الاساسية في المنطقة ولا سيما هجرة المسيحيين يؤدي الى نتيجتين، تزايد نمو الحركات المتطرفة في الغرب والرافضة للمسلمين الذين ينتمون الى اي دولة اوروبية، وافراغ الشرق من مسيحييه ومن أقلياته، بما يؤسس لقيام تكتلين مسيحي في الغرب ومسلم في الشرق، فيؤدي الى توتر واضطراب والى حالة عدم استقرار بينهما ليست في مصلحة أحد”.

ووازن في عرض غني بالعبر بين “ما عاشته المنطقة منذ قرن ونصف قرن والوضع اليوم، ولم تستقر الحالة سياسيا وأمنيا الا عندما كان يحصل تقاسم لمصالح الدول مثلما حصل في لبنان من حمايات فرنسا للموارنة والنمسا للكاثوليك وبريطانيا للدروز(…)”.

ولمس من المشاركين في المأدبة اهتماما اذ استفسروا عن نقاط محددة ادت الى تفاعل وتبادل أفكار يؤمل ان تساعد في وقف ما يجري في عدد من الدول العربية لتستقر على قواعد ثابتة سياسيا وأمنيا.

ولاحظنا من خلال مرافقتنا له الى كل من نيويورك، اتصالاته الدائمة مع عضو الوفد اللبناني السفير شربل وهبه لمتابعة الموقف من التدخل العسكري العربي في اليمن جواً وبحراً واستعداداً لتدخل عسكري مصري بري اذا اقتضى الامر.

وعلمت “النهار” ان باسيل كان على اتصال دائم برئيس الحكومة تمام سلام لصياغة موقف لبنان من التدخل في عدن خلال الانتقال الجوي من شرم الشيخ الى نيويورك وخلال العودة الى الشرم حيث سجل موقفه خطيا في ختام نص القرار الذي صدر عن القمة، وهو النأي بالنفس على غرار ما يقرر بالنسبة الى الأزمة السورية وهنا نص القرار:

“موقف الجمهورية اللبنانية في موضوع اليمن: “إن لبنان، تأكيدا منه للموقف العربي الجامع والقائم على دعم الشرعية الدستورية في اي بلد عربي، وعلى اعتماد الحلول السلمية السياسية للازمات العربية وعلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، يشدّد على السير بأن يقوم على الاجماع وينأى عن اي خطوة لا تحظى بالإجماع او التوافق العربي، ويؤكد ضرورة الاسراع في انشاء قوة عربية مشتركة لصون الامن القومي العربي ومكافحة الارهاب”.

وحصلت “النهار” من مشارك في جلسة المشاورات السرية التي عقدت مساء السبت برئاسة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من رؤساء الوفود ووزراء الخارجية على اجواء المناقشات التي جرت حول تشكيل القوة العربية المشتركة. فاستهل السيسي الجلسة بشرح اهمية هذه القوة ومهمتها لجهة حسم اي خطر تتعرض لها اي دولة عربية واستعداد بلاده لوضع 10 في المئة من مجموع جيشه، “أقوى جيش لدى الدول العربية”، بحسب تعبيره كنواة لهذه القوة. وافاد المشارك ان ممثلي دول الخليج في الجلسة لم يبدوا حماسة لاقتراح انشاء تلك القوة، فتدخل وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ثلاث مرات خلال الجلسة وبرّر تأخر عدم تأييد انشاء مثل هذه القوة، مذكراً بقوات الردع العربية التي كلفت الامن في لبنان وكيفية تحولها الى قوة سورية اساءت الى لبنان. ولم يكن موقف وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد أفضل، ولا الموقف العراقي الذي اعترض على مثل هذه القوة . ونقل ان السيسي كان يعقّب على كل مداخلة، مشددا على تبني اقتراحه الذي لم يتراجع عنه، وان الرئيس سلام أيده. وانتهت الجلسة بتشكيل لجنة متابعة لترجمة الاقتراح الى واقع عملي يغني عن الاستعانة بأي قوة اجنبية او تابعة للأمم المتحدة، وفق تعبير السيسي.

وافاد مصدر في الوفد اللبناني ان أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد كرّر ثلاث مرات خلال استقباله سلام مساء السبت في مقر المؤتمر ان العماد ميشال عون حضر الى تونس والآخرين لم يحضروا خلال المساعي العربية التي بذلت لوقف القتال وارساء الاستقرار. وفي ختام الاجتماع، قال سلام لباسيل الذي شارك في المقابلة “لم ينس الامير موقف الجنرال”.