يعيش لبنان على انتظار ما يحمله موفدان رئاسيان الاول فرنسي هو وزير الخارجية الاسبق جان ايف لودريان والثاني اميركي هو اموس هوكشتاين ويرتبط مصير اللبنانيين بما يقررانه من حلول او تسويات وفق تكليف كل منهما من بلاده ملفًا، فيركز لودريان على رئاسة الجمهورية وانهاء الشغور فيها فيما يهتم هوكشتاين بترسيم الحدود وتنفيذ القرار 1701 فنجح في البحر عندما كان التفاوض حول الحدود البحرية التي انتهت الى اعتبار النقطة 23 هي التي تفصل بين لبنان والعدو الاسرائيلي في تنقيب كل منهما عن النفط في مياهه الاقليمية ولم يعتمد لبنان على النقطة 29 التي قدمتها قيادة الجيش اللبناني على انها الحدود المعترف بها دوليا منذ العام 1923 وبذلك خسر لبنان مساحة بحوالى 1435 كلم2.
فالموفدان الرئاسيان الفرنسي والاميركي لم يحققا اي تقدم في مهمتهما حيث يدخل لبنان عامه الثاني في الشغور الرئاسي بالرغم من جولات ولقاءات لودريان اللبنانية او العربية والدولية وكان اخرها لقاؤه بالوزير السعودي المفوض نزار العلولا المكلف الملف اللبناني في مدينة العلا السعودية ولم يصدر عنهما ما يدل على انهما اتفقا على انجاز الاستحقاق الرئاسي سوى تحريك عمل “اللجنة الخماسية” في لبنان التي عقدت لها اجتماعا نهاية الاسبوع الماضي ولم يصدر عنها اي بيان سوى كلام عام ادلى به بعض السفراء الاعضاء في اللجنة وتحديدا السفير المصري علاء موسى الذي يكثر من اطلالاته الاعلامية وجولاته السياسية.
اما الموفد الرئاسي الاميركي فهو اتى الى لبنان وقبل عملية “طوفان الاقصى” بحوالى عام من اجل استكمال ترسيم الحدود البرية بعد ان انهى البحرية وانه بذلك يثبت “السلام” عند الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وينعم السكان بالاستقرار والطمأنينة واعدا لبنان بالازدهار والاستثمار فيه لكن الجواب الرسمي اللبناني بان الحدود مرسّمة منذ العشرينات وابلغه الرئيس نبيه بري بان المشكلة مع العدو الاسرائيلي هي في احتلاله لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي لمدينة الغجر اضافة الى 13 نقطة تحفظ عنها لبنان اثناء ترسيم الخظ الازرق بعد الانسحاب الاسرائيلي من لبنان الذي التزم بالقرار 1701 ولم يخرقه في وقت تم تسجيل نحو اكثر من 30 الف خرق اسرائيلي للسيادة اللبنانية منذ اب عام 2016.
وبعد “طوفان الاقصى” ومشاركة “حزب الله” في القتال ضد العدو الاسرائيلي اسنادا لغزة، فان الوضع في الجنوب بات اكثر تعقيدا ولم تعد لمهمة هوكشتاين فائدة وبات اهتمامه الحفاظ على امن الكيان الصهيوني وعودة سكان المستوطنات الى الشمال وفق ما تكشف مصادر متابعة لحركة الموفد الرئاسي الاميركي الذي حاول الحصول على وقف الاعمال العسكرية عند الحدود وابتعاد عناصر “حزب الله” نحو عشرة كلم عنها.
لكنه جوبه برفض من “حزب الله” الذي ربط جبهة الجنوب بوقف الحرب على غزة ورمى الكرة في ملعب اميركا التي فشلت في اقناع رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو بوقف الحرب على غزة فرفض حتى تحقيق اهدافها وهي القضاء على حركة “حماس” خصوصا والمقاومة الفلسطينية عموما وتحرير الرهائن الاسرائيليين وما خفق العدو الاسرائيلي في تحقيق ما هدف اليه من احتلال غزة التي ما زالت تقاومه حتى في المناطق المحتلة.
فمهمة هوكشتاين ليست مطلوبة لبنانيا سوى ان توقف بلاده الحرب على غزة وبعد ذلك يقوم العدو الاسرائيلي بتنفيذ القرار 1701 ولبنان قام بمهامه في نشر الجيش مع القوات الدولية وان كان ينقصه العديد من الاسلحة وهذا موضوع يعالجه لبنان في اطار بناء الجيش وان وجود المقاومة فيه له علاقة باستراتيجية دفاعية بدأ لبنان مناقشتها قبل اشهر من الحرب الاسرائيلية على لبنان صيف 2006 وان هذه مسألة لبنانية سيادية يقول مطلعون على اجواء اللقاءات التي كان يعقدها المسؤولون مع هوكشتاين الذي لا تفيد زيارته للبنان اذا لم تتوقف حرب غزة وهو بات مقتنعا بذلك.
ولبنان الذي يقف على رصيف الانتظار في الاستحقاق الرئاسي وفي وقف الاعمال العسكرية في الجنوب فانه لا يأمل المسؤولون فيه حلولا قريبة لهذين الحدثين اذ لكل منهما له ظروفه ويمر في مطبات وتعقيدات عدة تقول مصادر في عين التينة والسراي الحكومي وان كل ما يعمل له كل من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي الا تتدحرج الاوضاع نحو الاسوأ في ظل ازمات لبنان الداخلية التي لا حلول لها لبنانيا سواء في انتخاب رئيس للجمهورية او تحقيق اصلاح اقتصادي ومالي اذ يعيش لبنان حالة رمادية دستوريا وسياسيا واقتصاديا وعسكريا كما يمر في حالة اهتراء للمؤسسات الدستورية كما للسلطات اضافة الى انقسام سياسي- طائفي حول الركائز الاساسية للبنان وهي هويته ونظامه اذ بدأت تظهر الخلافات بين المرجعيات السياسية والدينية وتعكس نفسها على الارض في تعبئة شعبية بعناوين طائفية ومناطقية لا تخلو من عبارات تهز الوحدة الوطنية.
فلا لودريان ولا هوكشتاين يحمل حلولا للبنان رئاسية او سلمية في الجنوب.