البارز والخطير في ما يُطرَح لجهة صلاحيات رئيس الجمهورية في ما خص تشكيل الحكومة، أنَّ هناك دراسات بدأت توضع، تُحدِّد صلاحيات وتقول إنّها موجودة، وأهمية هذه الدراسات أنَّ واضعيها هم من وزراء رئيس الجمهورية وأنَّهم كانوا أعضاء في المجلس الدستوري، ما يعطي للدراسات التي يضعونها معنى معيَّناً، لكنّها في المقابل فتحت الباب على اجتهاداتٍ ومواجهات يُعرَف كيف تبدأ، لكن لا يُعرَف كيف تنتهي.
أولى المواجهات لهذه الدراسات جاءت من تيار المستقبل. أوساطه ردَّت فقالت، إستناداً إلى أحد أبرز الخبراء الدستوريين والقانونيين. إنَّ أوساط قيادية في تيار المستقبل حذّرت من أنَّ سحب التكليف من الرئيس الحريري سيفتح البابَ على نار أزمةٍ دستورية مفتوحة، بما هي خطوة تتجاوز الأعراف والتفاهمات وحتى الدستور نفسه.
إذاً، الخطير في ما يجري أنَّه تجاوَزَ النزاع السياسي ليصل إلى النزاع الدستوري بين موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وحين يكونُ النزاعُ على هذا المستوى فكيف يمكن للملفات الأخرى أن تُعالَج؟
المشكلة في ما يجري أنَّ ميزان القوى في مجلس النواب بات دقيقاً، وأنَّ البعضَ يعتبر أنَّه بات يملك الأكثرية فيه، فيما البعض الآخر يحاول أن يواجه الأكثرية بطرح الميثاقية، فهل دخل البلد في أزمة نظام بعدما كانت المسألة تتعلق بمجرد تشكيل حكومة؟
الأوضاع اليوم، سواء على المستوى الداخلي أو على مستوى المنطقة، لم تعد كما كانت منذ بدء التكليف منذ نحو مئة يوم. في تلك المرحلة كان شبه إجماع على التكليف، حيث أنّ الرئيس الحريري نال 111 صوتاً، فهل هذا الرقم ما زال على حاله اليوم، في ظل الحديث عن تبدَّل الأكثرية في مجلس النواب الجديد؟
ثم، هل التطورات الإقليمية هي ذاتها كما كانت عليه في أيار الماضي، تاريخ التكليف؟
في ذلك التاريخ لم تكن هنالك مبادرة روسية لإعادة النازحين، لكن الجامع المشترك بين تلك المرحلة والمرحلة الراهنة أنَّ هناك استحقاقات إقتصادية ومالية وإصلاحية، معظمُها يندرج تحت عنوان مستلزمات مؤتمر سيدر.
فأين الخدمات؟
لبنان في المرتبة 134 عالمياً، من أصل 137، وفق مؤشر الثقة بالكهرباء، وهذا المصطلح يعني عدم وجود إنقطاع وانعدام تذبذب التيار الكهربائي. حين يكون لبنان في المرتبة الأخيرة تقريباً، فبإمكاننا تصور أي وضع نحن فيه، على رغم أنَّ العجز الذي يرزح تحته لبنان عائد في أكثر من ثلثه إلى الصرف على الكهرباء.
فأي حال نحن فيها؟
***
الإرتباك في موضوع الكهرباء هو عينة من الإرتباكات، ونكاد نقول الإرتباكات في أكثر من مجال:
ها هي الروائحُ المنبعثة من محيط مطار بيروت الدولي تؤشر إلى روائح صفقات الفساد، التي لم يعد بالإمكان إخفاؤها، على قاعدة أنّ بعض المسؤولين يفعلون ما يريدون على رغم أنَّ الرأي العام يقول ما يريد.
صحيح، لقد طقَّ شرش الحياء لدى كثيرين وعلى أكثر من مستوى، ولهذا فإنّه يُخشى أنْ تكون الفضيحة قد أصبحت وجهة نظر.