غير مُجدٍ التوقف عند إطلالة أمين عام حزب الله التي لم يقل فيها أمراً مفيداً وهي تختصر بتباهيه بذكر وزير خارجية أميركا مايك بومبيو اسم «حزب الله» 18 مرة وإيران 19 مرة خلال دقائق، المجدي والملحّ الحديث عن كارثة جديدة بانتظارنا، لبنان يحتل المرتبة الخامسة عالمياً في التلوّث، تجاوزنا مرحلة دقّ أجراس الخطر والتحذير والإنذار، ولبنان ـ بحسب موقع موقع NUMBEO ـ جاء في الترتيب بعد منغوليا ومينامار وأفغانستان وبنغلادش بينما كان في المرتبة الثامنة في العام 2018، الكوارث بالجملة تحاصر لبنان وعلى كافّة المستويات!
من المؤسف أننا كيف تلفتّنا تطالعنا كلمة «كارثة» في السياسة في الاقتصاد في المال والأعمال والشؤون الاجتماعيّة والتلوّث، في السياسة نعيش كارثة سياسيّة بكلّ معنى الكلمة، شاء الفرقاء اللبنانيون أن يعترفوا بها أم لا نحن ذاهبون باتجاهها، ثمّة حكومة تحاول تقديم صورة متماسكة فيما هي في الحقيقة لا انسجام بين مكوناتها وستأتي لحظة تنفجر فيها هذه الحكومة من الداخل مهما حاولت تأخير هذه اللحظة!
نهاية الأسبوع الماضي بُشِّر اللبنانيّون بإفلاس الدولة بصيغة لطيفة تحدّثت عن وقف الإنفاق والاكتفاء فقط بدفع الرواتب، الجميع يُحذّر من كارثة إفلاس الدولة وانهيار الوضع اللبناني اقتصادياً ومالياً ويتناوب الجميع على تحذيرنا من أن سيدر هو الفرصة الأخيرة للبنان، ومع هذا ليس هناك تحرّك جديّ للدولة، ولا خطة طوارىء لمواجهة هذا الواقع، لم نشاهد تداعي للهيئات المعنيّة للتعاون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومحاولة عصر وحصر النفقات، ما نشاهده عبارة عن مشهد إرتجالي، يؤكّد أننا ذاهبون باتجاه كارثة!
في التلوّث حدّث ولا حرج، نحن في عمق الكارثة، الحديث عن منع المرامل والكسّارات هو «تقليد» وشرف تدّعيه كل حكومة جديدة، كلّ الحكومات السابقة ادّعت هذه المعالجة، فيما الحقيقة أنّ الكسارات والمرامل تخصّ المسؤولين أو من يكلّفوه بالقيام عنهم بهذه المهمّة، وتشكّل كارثة تلوّث نهر الليطاني وبحيرة القرعون مثالاً صارخاً عن تآمرنا بالتكافل والتضامن ضدّ لبنان وأنفسنا، وإذا زيدت كارثة النفايات العائدة قريباً إلى الطرقات، والإصرار على كارثة المحارق، لا نتردّد في القول إنّ لبنان سيحتل المرتبة الأولى في الإصابة بالأمراض القاتلة والأوبئة الفتاكة، فيما الحكومة تتفرج على كوارث التلوّث من دون أن تصرخ طالبة النجدة من دول العالم قبل فوات الأوان!
يستدعي حلول لبنان في المرتبة الخامسة عالمياً بين الدول الأكثر تلوّثاً إعلان حال طوارىء وطنيّة لمواجهة الكارثة، والسؤال الذي نطرحه هنا: أي حكومة سنعتمد عليها للمسارعة إلى مواجهة هذا الواقع، أم أن الأصوات ستعلو لتتفيه التقرير العالمي واتهامها بالكذب والمبالغة وإطلاق طمأنة مخادعة لتسكين قلق اللبنانيين؟
ما يعيشه لبنان عملية انتحار حقيقيّة، بل عملية نحر عن سابق تصور وتصميم ينفّذها متواطئون من أجل مصالح مالية وتكديس لثرواتهم على حساب لبنان ومصيره، من الواجب والواقعية التفكير مليّاً بهذا الإنذار الأخير، لطالما حصدت الأوبئة شعوباً بأكملها، لم يعد ممكناً الاستمرار بنتاج «ثقافة» المثل الشعبي «من بعد حماري ما ينبت حشيش»، من دون التنبّه أننا سنصل إلى مكان لن يبقى فيه صاحب الحمار ولا الحمار ولا الحشيش!